للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ} هذه العقوبة الثالثة، {أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} هذه هي العقوبة الرابعة.

كيف نَوَّعَ العلماء الجريمة في مقابلة هذه العقوبات؟ قالوا: إذا قتلوا وأخذوا المال فهنا جريمتان؛ على النفس، وعلى المال، يُجْمَع لهم بين القتل والصلب، كما فعلوا جريمتين فإنهم يعاقَبُون عقوبتين، إذا قتلوا ولم يأخذوا مالًا فإنهم يُقْتَلون بدون صلب، وهذا القتل هنا ليس راجعًا إلى أولياء المقتول؛ إن شاؤوا قتلوا، وإن شاؤوا أخذوا الدية، وإن شاؤوا عفوا، هذا قتل واجب، لماذا؟ لأنه حد، والحدود الشرعية ما تسقط، لا بد من تنفيذها.

فهنا يجب القتل، حتى لو عَفَا أولياء المقتول فإنه يجب قتلهم؛ إذ إن شرهم هنا خاص ولَّا عام؟ عام، افرض أن أولياء المقتول عَفَوْا وأسقطنا القَوَد، لكن إذا أخرجناهم عادوا إلى هذه، فلذلك يجب أن يُقْتَلُوا.

إذا أخذوا المال ولم يَقْتُلوا فإنها تُقَطَّع أيديهم وأرجلهم من خلاف، أيديهم لأنهم أخذوا بها المال، وأرجلهم لأنهم سَعَوْا بها للفساد في الأرض، فكانت الحكمة أن تُقَطَّع اليد التي أخذت والرِّجل التي سعت.

وكونه من خلاف؛ لأن قطعها من جانب واحد يؤدي إلى إضعاف البدن من جانب واحد، وتوزيع العقوبة على الجانبين أسهل على البدن، ولهذا صارت هذه العقوبة جامعة بين الحكمة والرحمة؛ حكمة بقطع اليد والرِّجل، ورحمة باختلافها، اليد اليمنى والرِّجل اليسرى.

طالب: ما يؤخذ يا شيخ تشديد العذاب، يعني فرعون كان يهدَّد السحرة: {فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ} [طه: ٧١] ( ... )؟

<<  <  ج: ص:  >  >>