للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ: وربما قد يكون في هذا زيادة عذاب من جهة الألم من جهتين، لكن جمعها في جانب واحد فيه هدم للبدن، وقد يكون فرعون هدَّدهم؛ لأن العقوبة المعروفة في ذلك الوقت هي هذه، ما أراد أن يعاقبهم بأقصى العقوبات؛ لأن فيه عقوبات ثانية مثلًا غير هذه؛ قطع مثلًا ألسنتهم، يقطع آنافهم، وما أشبه ذلك.

طالب: قوله {مِنْ خِلَافٍ} هل يُفْهَم منه ( ... )؟

الشيخ: لا، يُفْهَم منه أنه لا بد من التخالف، لكن لما كانت السرقة يجب فيها قطع اليد اليمنى صار هنا لا بد أن يقطع اليد اليمنى، فإذا قطعنا اليد اليمنى تعين أن يكون القطع للرِّجْل اليسرى، ولَّا الآية ما فيها دليل أنها تكون اليد اليمنى والرجل اليسرى؛ إذ من الجائز أن تكون اليد اليسرى والرِّجل اليمنى، لكن لما كان القطع في السرقة لليد اليمنى كما في قراءة ابن مسعود (فاقطعوا أيمانهما) فصار هذا هو.

{يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} [المائدة: ٣٣] متى؟ إذا أخافوا الطريق، ولم يقتلوا ولم يأخذوا مالًا، يعني: هم ما يريدون أن يقتلوا الناس ولا أن يأخذوا أموالهم، بس يريدون أن يخوِّفُوا الناس، إذا أقبل الناس هجموا عليهم، وهات وأعطنا وإلا قتلناك، ( ... ) الثوب ( ... ) المتاع وما أشبه ذلك، لكنهم لا يريدون القتل ولا الأخذ، هؤلاء ما يمكن أن نقتلهم ولا أن نُقَطِّع أيديهم وأرجلهم من خلاف، ولكننا لا بد أن نحمي الناس منهم، في أي مكان؟ نتركهم ما يأوون إلى البلاد، لكن كما قلنا: إنْ هذا لم يندفع به شرهم وجب الأخذ بما قاله أبو حنيفة رحمه الله وأصحابه بالحبس؛ لأن أبا حنيفة وأصحابه لاحظوا أنهم إذا نُفُوا وتُرِكُوا لا يأوون إلى بلد أنه قد يزداد شرهم، قد يتجمعون، إحنا الآن بنشردهم، يعني حتى نفينا إياهم ما معناه نخليهم مثل فرقة طير يطيرون جميعًا ويأتون جميعًا، نشردهم كل واحد نخليه مع جهة، لكن مع ذلك مَن الذي يحمي البراري، لا سيما البراري الواسعة؟

<<  <  ج: ص:  >  >>