وهذا نص واضح في المنافقين إلا أن الله سبحانه وتعالى أدخل على ذلك قيودًا أصلحوا، اعتصموا بالله، أخلصوا دينهم لله؛ فهذا أيضًا دليل على أن المنافق توبته مقبولة.
وأما ما استدل به أولئك القوم من قوله:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا}[النساء: ١٣٧] الآية فيها {ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا} فكانت المرحلة النهائية لهم أنهم ازدادوا كفرا، فكانوا مذبذبين بالأول يكفرون ويؤمنون، ثم بعد ذلك استقروا -والعياذ بالله- على الكفر، هؤلاء لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقًا.
وأما قولهم: إن سب الله ورسوله من أغلظ أنواع الكفر، فيقال: نعم، هو من أغلظ أنواع الكفر، إن لم يكن أغلظ أنواع الكفر، لكن هذا لا يمنع من قبول التوبة، يقول الله تعالى:{وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ}[الأنعام: ١٠٨].
ولا شك أن الكفار الذين يدعون مع الله آلها آخر شركهم يتضمن سب الله سبحانه وتعالى، فالصواب في هذا أنه تُقبل توبة كل مرتد بأي نوع كانت ردته، لكن من خفنا منه أن يكون متلاعبًا فإننا نتريث وننظر في صلاحه إلا أن الصحيح من أقوال أهل العلم أن من سب رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه مع قبول توبته يجب قتله، لو تاب يجب قتله بخلاف من سب الله، فإنه إذا تاب لا يُقتل، والفرق بينهما أن حق الرسول صلى الله عليه وسلم حق لآدمي لم نعلم أنه سمح به، أما حق الله فهو حق الرب سبحانه وتعالى الذي نعلم أنه يسمح به عندما يتوب المرء إليه.