وطعامهم: قال ابن عباس: ذبائحهم، وهو المتعين؛ لأنه لا يمكن أن يراد بطعامهم ما يأكلون من خبز وخضرة وشبهها؛ لأن هذا لا يختص بهم، وليس موضع إشكال، إنما الذي يشكل ما ذبحوه، فأباحه الله سبحانه وتعالى لنا.
وقولنا: أو كتابيًّا بل وقوله تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} يشمل حتى من يزعم منهم أن الله ثالث ثلاثة؛ لأن الله تعالى أباح طعامهم هذا مع قوله:{لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ}[المائدة: ٧٣]، ومع قوله:{وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ}[التوبة: ٣٠] واضح يا جماعة؟
لكن لو أشرك النصراني بغير المسيح، مثل: أن عبد صنمًا كبوذا أو غيره، فهل نقول إنه نصراني؟
طلبة: لا.
الشيخ: لا، من أهل الكتاب لا، نقول: إنه الآن مشرك بغير الشرك الذي أقره الله تبارك وتعالى، بل الذي أقر الله به هؤلاء النصارى على ما كانوا عليه، فإذا أشرك النصراني بغير ما كان معروفًا في وقت التنزيل فإنه يعتبر غير نصراني، ولا تحل ذبيحته.
وقوله تعالى:{وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} يخرج به من؟ المشركون، والملحدون، ومنهم أيضًا: المجوس.
وقال بعض أهل العلم: لا يخرج به هؤلاء، واعتل بأن قوله:{الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} مفهومه مفهوم لقبٍ، ومفهوم اللقب ليس بحجة عند أكثر الأصوليين.
ولكننا نقول له: ليس هذا مفهوم لقب، نعم، لو قال: وطعام اليهود والنصارى، يمكن أن نقول: هذا مفهوم لقب، لكن هذا ليس مفهوم لقب بل مفهوم وصف، ومفهوم الوصف حجة.
ووجه كونه مفهوم وصف: أن قوله: {الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} بمعنى قوله: المؤتون للكتاب، والمؤتى اسم مفعول فهو وصف ولَّا غير وصف؟
طلبة: وصف.
الشيخ: وصف، فمفهومه إذن مفهوم وصف؛ ولهذا كان الصحابة رضي الله عنهم لا يأكلون طعام المشركين ذبائح المشركين.