ما يصيد بنابه مثل: الكلب، والفهد، وما دُرب على ذلك، وما يصيد بمخلبه مثل: الصقر والبازي وغيره مما علم من هذه الطيور هذا المعلم بماذا نتحقق أنه متعلم أو غير متعلم؟
بالتجارب إذا زجرته انزجر وإذا أرسلته استرسل، وإذا أمسك الشيء لم يأكل منه، كان ذلك دليلًا على أنه متعلم؛ ولهذا قال الله:{وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ}[المائدة: ٤]، فاشترط العلم، فهذا الكلب مثلًا إذا رأى الصيد ما يمكن يروح أبدًا حتى أقول رُح، حتى أرسله، إذا أرسلته وهو يشاهد الصيد، ثم زجرته فوقف فمعناه أنه متعلم، وإن لم يقف فمعناه أنه غير متعلم.
ما نقول: متعلم، لكن متمرد؛ لأنه أولًا ما استرسل حتى أرسلته أنا، كان يشوف الصيد، ولكن ما تحرك حتى أرسلته، لما أرسلته وزجرته بيقف، أبى أن يقف، فهل نقول: إن هذا متعلم؛ لأنه استرسل بإرسالك، ولكنه متمرد؛ لأنه لم يقف، فعاند قال: هذا يرسلني ويوقفني ما يمكن أطيعه.
طالب:( ... ).
الشيخ: لا، ما يخالف إذا ذهب، يعني أبى أن يقف وذهب وصادها وأتى بها كاملة ما أكل منها شيئًا، فهل تحل ولَّا ما تحل؟
طالب: تحل.
الشيخ: المذهب أنها لا تحل؛ لأنه يقول: لازم أنه يسترسل إذا أرسل، وينزجر إذا زجر يقف؛ لأنه حينئذٍ يكون متعلمًا، والمسألة تحتاج إلى نظر؛ لأنه الآن لما لم يسترسل إلا بإرسالك، ولم يأكل من الصيد، لما استرسل بإرسالك ولما صادها لم يأكل منها شيئًا علم أنه صادها لأجلك، والله تعالى يقول:{وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ}[المائدة: ٤] إذا كان أمسكها على معناه جابها لي، وحينئذٍ تكون حلالًا.
لكن المشهور عند فقهائنا رحمهم الله يقولون: لا بد أن ينزجر إذا زجر؛ لأن كونه ينطلق بأمرك، وإذا زجرته ما وقف معناها الآن أنه جعل السلطة لنفسه، فلم يكن من أجلك وهي تحتاج إلى نظر.