ولكن المشهور من المذهب أنه لا بد أن يجرح، وأنه لو خنقه خنقًا فإنه لا يحل، ويستدلون بعموم قول الرسول صلى الله عليه وسلم:«مَا أَنْهَرَ الدَّمَ، وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلْ إِلَّا السِّنَّ وَالظُّفُرَ»(١).
والذين يأخذون بعموم يعني بحل صيده وإن لم يجري الدم يقولون: إن الحديث ظاهر في أن المراد به الآلة ليست الجارحة؛ لأنه قال:«إِلَّا السِّنَّ وَالظُّفُرَ»، والاستثناء يدل على أن الجنس الأول هو الآلة، وليس الجارحة، ومن احتاط ولم يأكل منه فهو حسن؛ يعني لو أن إنسانًا تركه ولم يأكل منه فهو حسن؛ لأن الخلاف في هذا قوي جدًّا.
طالب:( ... ).
الشيخ: وهو أيش؟
طالب:( ... ).
الشيخ: وهو نوع.
طالب:( ... ).
الشيخ: يعني قصدك الجارحة؟
طالب: إي نعم.
الشيخ: الجارحة بالنسبة لذي المخلب كما قلت: لا بد أن يجرح، لكن بالنسبة للكلب، الكلب يمكن، إي نعم.
هل يشترط أن يكون الكلب غير أسود؟ لأن الأسود شيطان، نعم، هذا محل خلاف أيضًا؛ المشهور من المذهب أن الكلب الأسود لا يباح صيده، ولو كان متعلِّمًا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ شَيْطَانٌ»(١٢). ولذلك لا يحل اقتناؤه مطلقًا حتى للحرث والماشية إلى آخره.
والقول الثاني: أنه يحل صيد الكلب الأسود؛ وهو المشهور من مذهب الأئمة الثلاثة أنه يحل صيده، أيهما أقرب إلى الصواب؟
الذين يقولون بالحل يقولون: لأن الأحاديث الواردة في حل قتل الجارحة، وكذلك القرآن عام:{وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ}[المائدة: ٤]، ولأن الرسول عليه الصلاة والسلام يقول:«إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ»(١٣)، ولم يقيده، والمقام يقتضي البيان، وكون الرسول يقول:«الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ شَيْطَانٌ»، هذا بالنسبة لإبطال الصلاة، ولا يلزم من ذلك أن يكون في جميع الأحكام شيطان، ثم إن الجارحة هل هي تصيد بنفسها، أو بفعل مالكها؟