الشيخ: إنا عندي أنه يشمل؛ لأن الآية عامة، وعلى هذا فإذا كنا في بلد لا نجد فيه فقراء؛ فإنه يصوم ثلاثة أيام؛ لأن قوله تعالى:{فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ}[البقرة: ١٩٦]، حذَفَ المفعول به، والفائدة من حذفه؛ الفائدة العموم. {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ} أما ما يفعله بعض الناس الآن من كونهم يصومون مع القدرة على الإطعام، فهذا لا أصل له.
لو يصوم الإنسان ثلاثة سنين ما هي ثلاثة أيام، وهو قادر على صاعين من الرز يدفعها لعشر مساكين؛ فإنه لا يجزئه، على الرغم من أنه كما قال عليه الصلاة والسلام على ( ... ) الناس مشهور بأنه بالصيام، ولهذا يقول: لا تخليني أصوم ثلاثة أيام. فهذا خطأ.
وقوله:(متتابعة)، ما هو الدليل مع أن الآية مطلقة:{فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ}؟ قالوا: إن في قراءة لابن مسعود رضي الله عنه: (صيام ثلاثة أيام متتابعة). والقراءة الثابتة عن الصحابة حُجَّة في الأحكام بلا شك، لكن هل هي حُجَّة في التلاوة فتُتلى؟ فيه خلاف بين أهل العلم، والصحيح أنها تُتلى، إذا صحَّت فإنها تتلى لا سيما إذا كانت قراءة ابن مسعود؛ فإن النبي عليه الصلاة والسلام قال:«مَنْ أَرَادَ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ غَضًّا كَمَا أُنْزِلَ فَلْيَقْرَأْ بِقِرَاءَةِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ» يعني عبد الله بن مسعود.
فإذا صحت القراءة عنه فلا ريب أنها حجة في الأحكام، وحُجَّة في التلاوة، والمشهور من المذهب في هذه المسألة أنها حجة في الأحكام، وليست حجة في التلاوة؛ ولهذا قالوا: لا تصح الصلاة بقراءة خارجة عن مصحف عثمان؛ لأنه متواتِر وما عداه ليس متواترًا، ولكن الصحيح ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية بأنه إذا صحت القراءة عن الصحابة فإنها حُجَّة في الأحكام وجائزة أيضًا في التلاوة، تثبت بها التلاوة والأحكام.