على هذا نقول: اشتراط الاجتهاد إن أمكن أن يوجَد المجتهِد فذاك، ولا يُشْتَرَط أن يكون مجتهدًا اجتهادًا مطلقًا في جميع المذاهب، بل يكفي أن يكون مجتهدًا ولو في مذهبه، وأظنكم تعرفون الفرق بين المجتَهِدَيْنِ؛ المجتهد المطلَق هو الذي يقارن بين أقوال أهل العلم من كل مذهب، والمجتهد في مذهبه هو الذي يقارن بين الأقوال في مذهبه خاصة، ويعرف الراجح من غيره بمقتضى الدليل، هذا مجتهد ولو في مذهبه.
فنحن نقول: المجتهد المطلَق أعلى الأنواع، ثم المجتهد في مذهبه، ثم المقلِّد إذا لم نجد مجتهدًا.
هذه الصفات التي يجب أن تتوفر في القاضي: أن يكون مسلمًا بالغًا عاقلًا عدلًا سميعًا بصيرًا، ويش بعد؟
طلبة: ذَكَرًا.
الشيخ: ذَكَرًا متكلِّمًا مجتهدًا.
الشرط العاشر: أن يكون حُرًّا، يعني غير مملوك، وذلك لأن المملوك مملوك على اسمه، فإذا كان مملوكًا لم يصح أن يكون واليًا؛ إذ إنه هو نفسه مملوك مُوَلًّى عليه، فلا يمكن أن يكون واليًا على المسلمين.
ولكننا نقول: هذا اشترطه الفقهاء رحمهم الله، ولكن ليس عليه دليل؛ لأن هذه الشروط العشرة يجب أن نردها إلى القوة، ويش بعد؟
طلبة: الأمانة.
الشيخ: والأمانة، القوة والأمانة؛ القوة في العلم، والقوة في التصور، والأمانة أيضًا في العلم الذي ينافيه العدالة، الخيانة فيها فسق.
فالحاصل أننا نقول: اشتراط الحرية ما عليه دليل، وكم من قاضٍ عدل مملوك يكون خيرًا بكثير ممن هو حُرّ، والمدار على كونه عالمًا ومؤديًا للقضاء على وجهه، أما كونه مملوكًا أو غير مملوك هذا ليس بشرط، وكما أننا قلنا في الشهادة: إنه لا يشترط فيها أن يكون الشاهد حُرًّا، فكذلك ينبغي أن نقول في القضاء: لا يشترط أن يكون حُرًّا.
قد نقول: إنه يشترط في المملوك أن يكون مالكه موافقًا على توليته؛ لأنه إذا ولي بدون رضا مالكه فَوَّت على مالكه مصالِحَه، وأما اشتراط أن تكون الحرية مصححة لقضاء هذا الرجل فالصحيح أنها ليست بشرط.