كذلك إذا شهد بما يدفع عنه ضررًا؛ إنسان شهد بشهادة توجب أن يندفع بذلك عنه الضرر؛ مثل أن يشهد بجرح الشهود بدين على مورثه، إنسان بعد ما مات هذا الرجل جاء وادعى عليه بدين، كم الدين؟ قال: الدين عشرة آلاف ريال. وين شهودك؟ جاء بالشهود، الورثة جرحوا بهؤلاء الشهود؛ قالوا: هؤلاء الشهود ما هم بعدول، هؤلاء فُسَّاق؛ لأجل ويش؟ لأجل ألَّا يسقط الدين، إذا لم يسقط الدين صار ما جاءهم ضرر، لكن لو ثبت الدين صار عليهم ضرر؛ لأنه يأخذ من التركة؛ فإذا شهد إنسان بما يدفع به الضرر عن نفسه؛ فإن شهادته لا تقبل؛ لماذا؟ لأنه مُتَّهَمٌ بجر النفع إلى نفسه أو دفع الضرر عنه، ومثلُها أيضًا لو زكى الشفيع شهادة بالبيع ببيع شريكه؛ زكَّاه؛ فإنها لا تُقْبَل؛ لأنه يَجُرُّ إلى نفسه نفعًا.
مثلًا شريكي باع نصيبه من أرض مشتركة بيني وبينه يكون لي فيها الشفعة ولَّا لا؟ لي فيها شفعة، لكن شريكي أنكر البيع، فأتى المشتري بشهود يشهدون بالبيع، فجرحهم شريكي، ولكني أنا زكيتهم، لماذا زكيتهم؟ لأنه إذا ثبت البيع ثبتت لي الشفعة، فأنا بهذه الشهادة أجر إلى نفسي نفعًا.
وعلى كل حال الأمثلة كثيرة، ولكن الضابط أنه إذا كلما كانت الشهادة تتضمن جَلْبَ نفع إلى الشاهد أو دفع ضرر عنه فإنها لا تقبل.
كذلك لو شهد الإنسان على عدوه فإنها تهمة ظاهرة، ولكن من هو العدو؟ هل هو الكافر؟
يقول العلماء في ضابط العدو هنا:(مَنْ سرَّه مساءةُ شخص أو غَمَّه فَرَحُه فهو عدوُّه)؛ كل إنسان يفرح بما يسيء إلى هذا الرجل، ويغتم بما يفرح؛ هذا الرجل فإنه يعتبر عدوًّا له، شوفوا هذا الضابط هل هو صحيح، ولَّا غير صحيح؟
طالب: غير صحيح.
الشيخ: لماذا؟
الطالب: لأن كثيرًا من الناس تتوفر فيه هذه الأشياء.
الشيخ: كيف تتوفر؟
طالب: تتوفر فيه أنه يفرح بمصيبة شخصٍ؛ مثلًا بمجرد أن حصل بينه وبينهما شيءٌ وإن كان بسيطًا، ويساء أيضًا لمسرة هذا الشخص ( ... ).