وأما الصغير فلأنه ليس أهلًا للتحمل، والإقرار تحمل واعتراف فهو ليس أهلًا للتحمل، ولأنه أيضًا قد يُخْدَع فيقر بما ليس عليه خديعة، قد يقول له إنسان مثلًا: أنا بعطيك هذا الشيء الذي ( ... )، ولكن تقر بأنك فعلت كذا وكذا فيفعل فيخدع إلا أنه يستثنى من الصغر قال: لكن يصح إقرار الصبي بما أذن له فيه من تصرف، وقد سبق في كتاب البيع أنه يجوز الإذن للصبي بالتصرف في الأمور اليسيرة؛ مثل البيض والدجاج والحلوى وما أشبهه؛ فإذا أقر الصبي بما أذن له في التصرف فيه صار إقراره صحيحًا لماذا؟
لأننا لو لم نقبل إقراره بذلك لم يكن للإذن له بالتصرف كبير فائدة؛ إذ إن المقصود بالتصرف أن يكون مقبولًا بما أقر به، حتى يكون تصرفه معتبرًا، هذا الشرط يستثنى منه مسألة واحدة؛ وهي إقرار الصبي بما أذن له بالتصرف فيه، فإنه يقبل. إقراره بغير ذلك؛ يمكن أنا أعطيته مئة درهم ليتصرف بها فأقر بما يستلزم وجوب مئتي درهم، فالإقرار هنا لا يصح؛ لأنه إنما أذن له بالتصرف في مئة درهم فقط.
الشرط الثاني: أن يكون جائز التصرف فيما أقر به؛ فلو أقر الإنسان بأمر لا يجوز له التصرف به لم يصح؛ مثل أن يقر المحجور عليه بشيء يتعلق بأعيان المالك، وأظن مر علينا الحجر إذا كانت الديون أكثر من مال الشخص؛ فإنه يحجر عليه بطلب الغرماء أو بعضهم، فإذا حجرنا عليه وأقر على أعيان ماله المحجور عليه فيها، فإن إقراره لا يقبل، لكن لو أقر بشيء في ذمته فإن إقراره يقبل، والفرق لأنه غير جائز التصرف في أعيان المالك؛ فلا يقبل إقراره عليها.