للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشرط الثالث: أن يكون مختارًا فإن كان مكرهًا لم يصحَّ إقراره؛ لأن جميع التصرفات لا بد فيها من الرضا، ويمكن أن نستدل لذلك بقوله تعالى: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: ٢٩] اشترط الله في التجارة أن تكون عن تراض، والإقرار كالتجارة؛ لأنه نوع من التصرف، فلا يقبل إقرار المكره، لكن لو أُكْرِه أن يقر بشيء فأقر بغيره، هل يعتبر أو لا يعتبر؟ مثلًا أكرهه شخص على أن يقر بأن هذه السيارة له فأقر بأن السيارة الأخرى له يعتبر ولَّا لا؟ يعتبر؛ لأنه أُكْرِه على شيء فأقر على غيره، فإذا قال -هذا الذي أكره-: أنا أقررت بالسيارة الأخرى؛ لأن السيارة التي أكرهني على الإقرار بها أغلى عندي فقلت: أدفع إكراهه بالإقرار بهذه السيارة، وأسلم على سيارتي الثانية، قلنا له: لا يُقْبَل هذا منك؛ لأنك لو أقررت وأنت مكره على السيارة التي أكرهك عليها لم يكن هذا الإقرار صحيحًا ولا مقبولًا، إذا ادعى الإكراه الآن الإقرار ثبت، وادعى أنه مُكْرَه، فهل يُقْبَل منه ذلك أو لا؟

طالب: لا.

الشيخ: لا يُقْبَل؛ لأن الأصل عدم الإكراه إلا إذا وجدت قرائن قوية تدل على هذا؛ مثال ذلك الآن: كثير من الجناة الذين يقرون بجنايتهم من سرقة أو إفساد يقولون: إن الشُّرَط أكرهونا على ذلك، وأننا غير ( ... ) بهذا الإقرار، فهل نقبل منهم هذا أو لا؟

نقول: ما نقبل؛ لأن الأصل عدم الإكراه إلا إذا وجد قرينة قوية تدل على ما قالوا، أحيانًا يُقِرُّون عند القاضي في ( ... ) ثم يَدَّعُون أنهم مهددون، إذا لم يعترفوا فهل نقبل منهم أو لا؟

طالب: لا نقبل.

<<  <  ج: ص:  >  >>