فإذا قال: له علي عشرة إلا سبعة، يلزمه على المذهب عشرة، وعلى القول الثاني يلزمه ثلاثة؛ لأنه قال: عشرة إلا سبعة.
حجة القائلين بذلك لأنهم يقولون: إن الاستثناء إقرار، ولا ينبغي أن يُفْرَض الأكثر من الأقل، ثم إنه من الناحية اللغوية لم تجر عادة العرب بأن يقولوا: عشرة إلا سبعة، وإنما يستثنون الأقل، أما القائلون بالجواز فيقولون: إن هذا الاستثناء لا فرق فيه بين القليل والكثير من حيث الدلالة؛ فإن عشرة إلا سبعة كعشرة إلا ثلاثة من حيث الدلالة، وما دام دالًّا فإنه لا يشترط في المتكلم أن يكون فصيحًا يَعرِف ما ينطق به العرب، وهذا القول أحوط.
هذا إذا كان الاستثناء من عَدَدٍ، أما إذا كان الاستثناء من صفة فإنه لا بأس به، ولو كان المستثنى أكثر، ولهذا قال الله تعالى:{إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ}[الحجر: ٤٢]، ومن اتبع الشيطان من الغاوين أكثر ممن ليس له عليهم سلطان، فإذا كان الاستثناء في صفةٍ فهذا يشمل الأكثر، بل ويشمل الكل؛ لو قلت مثلًا: أكرِمُ مَنْ في هذا البيت إِلَّا مَنْ ليس طالبًا، فجئتُ إلى هذا البيت وجدتُ كلَّهُم غير طلبة، أُكْرِمُ منهم أحدًا أو لا؟
لا، فهذا الاستثناء الآن رفع الحكم عن الكل؛ لأنه استثناء من صفة ( ... )، إنما هو في استثناء العدد.
وإن وَصَل به ما يرفعه فإنه لا يُقْبَل، قال: عندي له عشرة دراهم ثمن الخمر، كلمة ثمن الخمر توجب أن يرتفع قوله: له علي عشرة دراهم لماذا؟
لأن الخمر ليس له ثمن فكونه يقول: ثمن الخمر، معناه كأنه يقول: ليس عنده لي شيءٌ، وهذا يرفعه.