وسبحان الله العظيم! إذا تأملت أن هذا الدِّينَ تامٌّ كامل، لا يمكن أن تكون مسألة يَحتاجُ النَّاسُ إليها إلى يوم القيامة إلا وُجِدَ لها أصلٌ.
كيف أنطقَ اللَّهُ عز وجل الصَّحابةَ أن يسألوا هذا السؤال؟ ما قالوا: نصبر حتى يأتي ذاك اليوم نشوف، نبحث. أنطقَهم اللَّهُ حتى يكون الدِّين كاملًا ما يَحتاجُ إلى تكميل، وقد احتاج النَّاسُ إلى هذا الآن، الآن المناطق القُطبية يبقى الليل فيها سِتَّة أشهر، والنهار ستة أشهر، نحتاج إلى هذا الحديث ولَّا ما نحتاج؟ نحتاج، شوف كيف أفتى الرسول عليه الصلاة والسلام هذه الفتوى قبل أن تقع هذه المشكلة؛ لأن الله تعالى قال في كتابه:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي}[المائدة: ٣]، والله لو نتأمَّل كلمة {أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} لعلمنا أنه ما يوجَد شيء ناقص في الدِّين أبدًا، كامل مِن كلِّ وَجْهٍ، لكن النقص فينا؛ إما قصور في علومنا، ولَّا في أفهامنا، ولَّا إرادات تكون ما هي منضبطة، يكون إنسان وده ينصر قوله فيَعْمَى عن الحقِّ، نسأل الله العافية.
فلو أننا نظرنا بعلم وفَهْمٍ وحُسْنِ نية لوجدنا أن الدِّينَ -ولله الحمدُ- لا يحتاج إلى مُكَمِّل، وأنه لا يمكن أن تقع مسألة صغيرة ولا كبيرة إلا وُجِدَ حَلُّها في الكتاب والسُّنَّة، لكن لما كَثُرَ الهوى، وغلب على النَّاسِ، صار بعض الناس يَعْمَى عليه الحقُّ، ويَخْفَى عليه الحق، وتجدهم إذا نزلت الحادثة التي لم تكن معروفة مِن قبل بعينها، وإن كان جنسها معروفًا، تجدهم يختلفون فيها أكثر من أصابعهم، إذا كانت تحتمل قولين وجدت فيها عشرة، كل هذا لأنَّ الهوى غلب على النَّاسِ الآن، وإلا لو كان القصد سليمًا والفهم صافيًا والعلم واسعًا لعَرَفْت.
على كل حال أقول: إن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر بأنه يبقى أربعين يومًا، فماذا يكون الأمر بعد الأربعين؟