ينزل المسيحُ عيسى بن مريم، الذي رَفَعَهُ الله إليه، وقد جاء في الأحاديث أنه ينزِلُ عند المنارة البيضاء في دمشق، أو عليها -النسيان مني- ينزل فلا يَحِلُّ لكافرٍ يجد ريحَه إلا مات، وهذه من آيات الله، يموت، يلحق الدَّجَّالَ عند باب اللُّدِّ -اللُّدّ الآن في فلسطين عند اليهود- فيقتله هناك، وحينئذٍ يقضي عليه نهائيًّا، ولا يقبل عليه الصلاة والسلام إلا الإسلام، لا يقبل الجزية، ويكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويُرِيق الخمر، ولا يقبل إلا الإسلام فقط، لا يُعبَد إلا الله.
وعلى هذا، فالجزية التي شرعها الإسلام جعل الإسلام لها أمدًا تنتهي إليه، متى؟ نزول عيسى، ولا يقال: إن هذا تشريع من عيسى؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر بذلك مقرِّرًا له.
فوضع الجزية عند نزول عيسى من سنة الرسول عليه الصلاة والسلام؛ لأن سنة الرسول صلى الله عليه وسلم قوله وفعله وإقراره، وكونه يتحدث عن عيسى بن مريم مقرًّا له، هذا من سنته. وإلا فإن عيسى لا يأتي بشرع جديد، ولا أحد يأتي بشرع جديد.
ما فيه إلا شرع محمد عليه الصلاة والسلام إلى يوم القيامة، هذا ما يتعلق بالدجال، نسأل الله أن يعيذنا وإياكم منه.
قال بعض أهل العلم: إن الرسل الذين أَنْذَرُوا قومهم به لم يُنْذِرُوهم بعينه، وإنما أنذروهم بجنس فتنته، يعني أنذروهم من الدَّجَاجِلَة.
ولكن هذا القول ضعيف، بل هو نوع من التحريف؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر بأنه ما من نبي إلا أنذره قومَه، وهذا صريح في أن الناس أنذروا قومهم بعين الرجل هذا، وقد سبق لنا بيان الحكمة من إنذار الرسل به.
ولكن يجب علينا أن نعلم أن جنس هذه الفتنة موجود حتى في غير هذا الرجل، يوجد من بني آدم الآن مَن يضل الناس بحاله وقَالِه، وبكل ما يستطيع، وتجد أن الله سبحانه وتعالى بحكمته أعطاه بيانًا وفصاحة، {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ}[الأنفال: ٤٢].