للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن هذا الاحتمال فيه نظر؛ لأن الأصل في فعل الرسول صلى الله عليه وسلم التشريع وعدم النسيان، ولا سيما أنه سَلَّمَ واحدة تلقاء وجهه على خلاف العادة، مما يدل على أنه أرادها قصدًا، لكن كما قلت: الاحتياط أن يُسَلِّمَ مرتين في الفرض والنفل.

قال: (وإن كان في ثلاثية أو رباعية نهض مُكَبِّرًا بعد التشهد الأول).

(إن كان في ثلاثية أو رباعية) ثلاثية مثل المغرب، رباعية كالظهر والعصر والعشاء.

(نهض مُكَبِّرًا)، (مُكَبِّرًا) حال من فاعل (نهض)، تدل على أنه يكون التكبير في حال النهوض، وهو كذلك؛ لأن جميع التكبيرات ما عدا تكبيرة الإحرام كلها محلها ما بين الركنين، فيكون مُكَبِّرًا حال النهوض.

قال: (نهض مُكَبِّرًا بعد التشهد الأول)، والتشهد الأول ينتهي عند قوله: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

وظاهر كلام المؤلف أنه لا يرفع يديه؛ لأنه لم يقل: ويرفع يديه، وهذا هو المشهور من المذهب؛ أنه لا يرفع يديه إذا قام من التشهد الأول؛ لأن مواضع رفع اليدين على المذهب ثلاثة فقط: عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع منه.

ولكن الصحيح أنه يرفع يديه؛ لأنه صَحَّ عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وعلى هذا القول فالقول الراجح في هذه المسألة أنه يرفع يديه إذا قام من التشهد الأول، ولأنه انتقال من نوع إلى نوع آخر في الصلاة، فإن الركعتين الأوليين يُشْرَع فيهما ما لا يُشْرَع في الركعتين الأُخْرَيَيْن، فلما كان هذا انتقال من نوع إلى نوع صار من الحكمة أن يُمَيَّزَ هذا الانتقال بالرفع، كأنه صلاة جديدة، وإن لم تكن جديدة لكنها لتَمَيُّزها عن الركعتين الأوليين صار يرفع.

<<  <  ج: ص:  >  >>