للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: (من غير ضرورة) عُلم من ذلك أنه إذا كثرت الأفعال للضرورة لم تبطل الصلاة، ودليل ذلك قوله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (٢٣٨) فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: ٢٣٨، ٢٣٩] (رِجالًا) يعني: راجِلين، يعني: صلوا وأنتم تمشون. {أَوْ رُكْبَانًا} أي: على الرواحل، ومعلوم أن الماشي يتحرك ولَّا لا؟

طلبة: يتحرك.

الشيخ: كم؟

طلبة: كثير.

الشيخ: كثير، يتحرك كثيرًا، فلو فُرض أن سبعًا لحقه وهو يصلي، لما شرع في صلاته أحس بأن سبعًا وراءه يريده، وليس معه ما يدافع به، فهرب وهو يُصلِّي، تصح صلاته؟

طلبة: نعم.

الشيخ: لماذا؟ لأنه في ضرورة، ولا حرج عليه إذا انصرف إلى غير القبلة؛ لأنه أيضًا في ضرورة.

فقول المؤلف: (من غير ضرورة) مراده، يعني يفهم منه أنه إذا كان لضرورة فلا بأس به.

قال: (بلا تفريق) يعني معناه: يُشترط في الفعل الكثير أن يكون متواليًا عرفًا أيضًا، فإن فرَّق لم تبطل الصلاة، لو تحرك ثلاث مرات في الركعة الأولى، وثلاثًا في الثانية، وثلاثًا في الثالثة، وثلاثًا في الرابعة، المجموع كم؟

طلبة: اثنتا عشرة.

الشيخ: اثنتا عشرة، لو جُمِعت لكانت كثيرة، ولما تفرَّقت كانت قصيرة باعتبار كل ركعة وحدها، نقول: هذا لا يُبطل الصلاة أيضًا؛ لأنه مُفرَّق.

قال المؤلف: (بطلت ولو سهوًا)؛ يعني: ولو كان الفعل سهوًا، لو فرضنا أن شخصًا نسي، وقام يتحرك، ونسي أن يكون في صلاة؛ صار يتحرك، يكتب، ويعد الدراهم، ويتسوك، ويفعل أفعالًا كثيرة، فإن الصلاة تبطل؛ لأن هذه أفعال مُغيِّرة لهيئة الصلاة، فاستوى فيها حال الذكر وحال السهو، بخلاف الكلام؛ الكلام لا يُغيِّر هيئة الصلاة، لكن هذا يغير الهيئة، ولهذا قالوا: تبطل ولو سهوًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>