للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا ما ذهب إليه المؤلف رحمه الله، وعلل ذلك: بأنه ترك لا تبطل به الصلاة، فلا يجب به السجود، وإذا لم يجب فلا دليل على مشروعيته؛ يعني: لا دليل على أنه سنة، فلا يكون السجود له مشروعًا، لا على سبيل الوجوب، ولا على سبيل الاستحباب.

ولو ترك الاستعاذة من الشيطان الرجيم، ما الجواب؟

طالب: لا يسجد.

الشيخ: لا يسجد؛ يعني: لا يشرع أن يسجد، قال: (وإن سجد فلا بأس) يعني: إنه لو سجد لا نقول: إن صلاتك تبطل؛ لأنك زدت زيادة غير مشروعة، وهذا مما يدل على أن المؤلف رحمه الله لم يجزم بنفي المشروعية، أو ليس نفي المشروعية في كلامه نفيًا مطلقًا، وإلا لكان السجود بدعة، وكان مبطلًا للصلاة، كما قال به بعض الفقهاء، قال: إنه إذا سجد لترك السنة فصلاته باطلة؛ لأننا إذا قلنا: لا يشرع، صار بدعة، وكل بدعة ضلالة، فإذا سجد فقد أتى بزيادة غير مشروعة، فتبطل الصلاة، لكن المذهب يرون أن السجود لا بأس به، لكنه غير مشروع.

لو فعل هذا المستحب في غير موضعه؛ بأن رفع للانحدار إلى السجود، لما أراد يسجد رفع يديه ناسيًا، فهل يشرع السجود؟ نقول: لا يشرع؛ لأنه إذا لم يشرع السجود لتركه وهو نقص في ماهية الصلاة، فلئلا يشرع لفعله من باب أولى، لكنه لا يبطل الصلاة؛ لأنه من جنسها، إلا أنه سيأتي -إن شاء الله- في باب سجود السهو أنه إذا أتى بقول مشروع في غير موضعه فإنه يسن له أن يسجد للسهو، كما لو قال: سبحان ربي الأعلى في الركوع، ثم ذكر فقال: سبحان ربي العظيم، فهنا أتى بقول مشروع وهو: سبحان ربي الأعلى، لكن سبحان ربي الأعلى مشروع في السجود، فإذا أتى به في الركوع قلنا: إنك أتيت بقول مشروع في غير موضعه، فالسجود في حقك سنة، كما سيأتي.

فصار خلاصة القول: أن السنن القولية والفعلية لا يشرع لتركها السجود، وإن سجد فللعلماء في ذلك قولان؛ قول ببطلان الصلاة، وقول آخر بعدم البطلان، وهذا هو المشهور من المذهب.

<<  <  ج: ص:  >  >>