للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما إذا أتى بقول أو فعل مستحب في غير موضعه، فهذا نقول: إن كان قولًا فالسجود له سنة، على المذهب، وإن كان فعلًا فإنه لا يشرع له السجود؛ كما لو رفع يديه عند الانحطاط للسجود، نقول: هذا فعل غير مشروع في هذا الموضع، فلا يجب به السجود، ولكن لو سجدت فلا بأس.

وهذا الذي ذكره المؤلف يدل على قاعدة ذكرناها سابقًا، وهو أن الشيء قد يكون جائزًا وليس بمشروع، قد يكون جائزًا في الشريعة الإسلامية؛ يعني: جائز أن تتعبد به، وليس بمشروع أن تتعبد به؛ يعني: لا يقال لك: افعل، وذكرنا لهذا أمثلة فيما سبق يحضرنا منها عدة:

أولًا: فعل العبادة عن الغير؛ كما لو تصدق إنسان لشخص ميت فإن هذا جائز، لكن ليس بمشروع؛ يعني: أننا لا نأمر الناس أن يتصدقوا عن أمواتهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر به ولم يفعله هو بنفسه حتى يكون مشروعًا، فهو لم يقل للأمة: تصدقوا عن أمواتكم، أو صوموا عنهم، أو صلوا عنهم، أو ما أشبه ذلك، ولم يفعله هو بنفسه، غاية ما هنالك أنه أمر من مات له ميت وعليه صيام أمره أن يصوم عنه (٢٢)، فرق بين الواجب وغير الواجب.

مثال آخر؟

طالب: الرجل الذي أمره النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}.

الشيخ: الرجل الذي أمَّره النبي صلى الله عليه وسلم على السرية، بعثه في سرية وجعله أميرًا، فكان يقرأ ويختم لهم بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، فأقرَّه النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك (٢٣)، ولكنه لم يقل للأمة: إذا قرأتم في صلاتكم فاختموا بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، ولم يكن هو أيضًا يفعله عليه الصلاة والسلام، فدل هذا على أنه ليس بمشروع، لكنه جائز لا بأس به.

طالب: التعوذ عند آية الوعيد والسؤال عند آية رحمة في الفرض.

الشيخ: إي نعم، هذا أيضًا من الشيء الجائز الذي ليس بمشروع؛ التعوذ عند آية وعيد والسؤال عند آية رحمة في الفرض، وقد سبق لنا مناقشة هذه المسألة.

<<  <  ج: ص:  >  >>