للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبمناسبة هذا نقول: (باب سجود السهو) (سجود السهو) من باب إضافة الشيء إلى سببه، والإضافات -كما تعلمون- كثيرة الأنواع؛ فقد يضاف الشيء إلى زمنه، وقد يضاف إلى مكانه، وقد يضاف إلى سببه، وقد يضاف إلى نوعه، المهم أن الإضافات كثيرة؛ ولهذا يقدرون الإضافة أحيانًا باللام، وأحيانًا بـ (من)، وأحيانًا بـ (في)، وأكثرها تقديرًا ما يقدر باللام، يقدر بـ (في) إذا كان المضاف إليه ظرفًا للمضاف، وبـ (من) إذا كان جنسًا له أو نوعًا، وباللام فيما عدا ذلك.

فقوله تعالى: {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ} [سبأ: ٣٣]، هذا على تقدير (في)؛ لأن الليل ظرف للمكر، وقولك: خاتمُ حديدٍ، على تقدير (من)، وقولك: كتابُ زيدٍ، على تقدير اللام.

سجود السهو هل هو على تقدير (من) أو اللام أو (في)؟

طلبة: اللام.

الشيخ: السجود للسهو؛ يعني: الذي سببه السهو.

والسهو تارة يتعدى بـ (عن)، وتارة يتعدى بـ (في)؛ فإن عُدِّي بـ (عن) صار مذمومًا، وإن عُدِّي بـ (في) صار معفوًّا عنه، فإذا قلت: سها فلان في صلاته، فهذا من باب المعفو عنه، وإذا قلت: سها فلان عن صلاته، صار من باب المذموم؛ ولهذا قال الله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (٤) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون: ٤، ٥] أي: غافلون لا يهتمون بها ولا يقيمونها، فهم على ذكر من فعلهم، بخلاف الساهي في صلاته فليس على ذكر من فعله؛ ولهذا يقال: سها في صلاته.

<<  <  ج: ص:  >  >>