للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودليل هذا؛ أي: دليل هذه المسألة حديث أبي هريرة: أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى ذات يوم صلاة الظهر أو العصر، فسلم من ركعتين، ثم قام فتقدم إلى خشبة في مقدم المسجد، واتكأ عليها كأنه غضبان، وكان الناس فيهم خيار الصحابة كأبي بكر وعمر، لكن لهيبة الرسول صلى الله عليه وسلم هابا أن يكلماه مع أنهما أخص الناس به، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أعطاه الله مَهَابة، وكان في القوم رجل يداعبه النبي صلى الله عليه وسلم يسميه ذا اليدين لطول يديه، فقال: أنسيت أم قصرت الصلاة؟ فقال: «لَمْ أَنْسَ، وَلَمْ تُقْصَرْ» (١٥) فقوله: «لَمْ أَنْسَ» بناءً على اعتقاده، «وَلَمْ تُقْصَرْ» بناءً على الحكم الشرعي؛ لأن الحكم الشرعي باقٍ على أنها أربع، وفيه احتمال ثالث لم يذكره ذو اليدين وهو؟ ما هما الاحتمالان اللذان ذكرا؟

طالب: أن تكون الصلاة قد قصرت.

الشيخ: هذا احتمال، والاحتمال الثاني؟

الطالب: أن يكون نسي.

الشيخ: فيه احتمال ثالث أن يكون قد سلَّم عمدًا قبل إتمامها، وهذا لا يرد بالنسبة للرسول صلى الله عليه وسلم، ثم التفت إلى الناس وقال: «أَحَقٌّ مَا يَقُولُ ذُو الْيَدَيْنِ؟ » قالوا: نعم، فتقدم فصلى ما ترك، ثم سلم، ثم سجد سجدتين، ثم سلم (١٥)، هذا هو دليل هذه المسألة، وهو قوله: (ثم ذكر قريبًا أتمها وسجد).

ولكن لو ذكر وهو قائم، فهل يبني على قيامه ويستمر، أو لا بد أن يقعد ثم يقوم؟

قال الفقهاء رحمهم الله: لا بد أن يقعد، ثم يقوم؛ لقول ذي اليدين: فصلى ما ترك، وهو قد ترك القيام من القعود، فلا بد أن يأتي بالقيام من القعود، وهذا مبني على أن نفس النهوض ركن مقصود.

فإن قيل: إن النهوض ليس ركنًا مقصودًا، ولكنه من أجل أن يكون قائمًا، فإنه بناءً على ذلك لا يلزمه أن يجلس ثم يقوم.

لكن لا شك أن ما ذكره الفقهاء رحمهم الله أحوط، فنقول: إذا كان الإنسان قد نهض ثم ذكر، أو ذكر، نقول: اجلس، ثم قم، وأتم الصلاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>