وقول المؤلف:(ثم ذكر قريبًا) اشترطوا أيضًا شرطًا آخر وهو: ألَّا يفعل ما ينافي الصلاة، فإن فعل ما ينافي الصلاة، مثل: أن يحدث أو يأكل، وما أشبه ذلك، فإنه لا يبني على صلاته لفوات الشرط، وهذا ظاهر في الحدث؛ لأنه إذا أحدث تعذر بناء بعض الصلاة على بعض؛ لانقطاعها بالحدث.
أما إذا فعل ما ينافي الصلاة فإن الصحيح أنه لا بأس أن يبني على ما سبق؛ لأن فعله ما ينافي الصلاة، بناء على أنه أتم صلاته، فيكون صادرًا عن نسيان أو عن جهل بحقيقة الحال، والنسيان والجهل عذر يسقط بهما حكم فعل المنهي عنه، وهو الأكل مثلًا أو الشرب، أو ما أشبه ذلك.
يقول المؤلف:(فإن طال الفصل عرفًا أو تكلم لغير مصلحتها بطلت) إن طال الفصل عرفًا، ولم يبين المؤلف مقداره، فيرجع في ذلك إلى العرف.
ومثاله: أن يكون طول الفصل كطول الفصل في صلاة الرسول صلى الله عليه، فإنه قام واتكأ، وتراجع مع الناس، وخرج سرعان الناس من المسجد يقولون: قصرت الصلاة، فما كان مثل هذا، كثلاث دقائق وأربع دقائق وخمس دقائق وما أشبهها، فهذا لا يمنع من بناء بعضها على بعض، وأما إن لم يذكر إلا بعد ساعة أو ساعتين فإنه لا بد من استئناف الصلاة؛ ولهذا قال:(فإن طال الفصل عرفًا بطلت).
قال المؤلف:(أو تكلم لغير مصلحتها) تكلم يعني: بعد أن سلَّم تكلم بكلام لغير مصلحة الصلاة فإنها تبطل، مثل أن قال بعد أن سلَّم ناسيًا: يا فلان، أين وضعت الكتاب؟ يا فلان، أغلق المكيف، يا فلان، اذهب إلى كذا، فإن الصلاة تبطل ولو كان الكلام يسيرًا، ولو كان الزمن قصيرًا؛ لأنه فعل ما ينافي الصلاة، فهو كما لو أحدث.