للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ككلامه في صلبها) يعني: كما أنها تبطل الصلاة إذا تكلم في صلب الصلاة، وقاس المؤلف رحمه الله ما كان خارج الصلاة بحسب اعتقاد المصلي على ما كان في صلب الصلاة؛ لأن الكلام في صلب الصلاة قد ثبت به الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: «إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ» (٥)، فإذا تكلم بعد السلام عن نقص نسيانًا بطلت، كما لو تكلم وهو يصلي.

قال: (ولمصلحتها إن كان يسيرًا لم تبطل وإن كان كثيرًا بطلت) ففصَّل المؤلف رحمه الله في الكلام وجعله على أقسام:

القسم الأول: أن يتكلم لغير مصلحة الصلاة، فهنا تبطل بكل حال.

القسم الثاني: أن يتكلم لمصلحة الصلاة بكلام يسير، كفعل الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال: «أَصَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ؟ » قالوا: نعم (٥)، ومراجعة ذي اليدين له، فهنا تبطل أو لا؟ لا تبطل؛ لأنه يسير لمصلحة الصلاة.

القسم الثالث: أن يكون كثيرًا لمصلحة الصلاة، فتبطل.

فصار أقسام الكلام على ما مشى عليه المؤلف ثلاثة فيما إذا سلَّم ناسيًا؛ أن يكون لغير مصلحة الصلاة فتبطل به مطلقا، ومعنى الإطلاق يسيرًا كان أو كثيرًا، الثاني: أن يكون لمصلحتها وهو يسير فلا تبطل الصلاة به، الثالث: أن يكون لمصلحتها وهو كثير فتبطل الصلاة به.

والصحيح في هذه المسائل الثلاثة كلها أن الصلاة لا تبطل؛ لأن هذا المتكلم لا يعتقد أنه في صلاة، فهو لم يتعمد الخطأ، وقد قال الله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب: ٥]، وكذلك على القول الصحيح لا تبطل بالأكل والشرب ونحوهما؛ لأنه لم يتعمد فعل المبطل، فهو جاهل بحقيقة الحال، فالصحيح أنها لا تبطل لا في الكلام، ولا في الأكل، ولا في الشرب، ولا في غيرها مما ينافي الصلاة ويبطلها، إلا في الحدث؛ وذلك لأن الحدث لا يمكن معه بناء بعض الصلاة على بعض؛ لأن الحدث يقطعها نهائيًّا.

<<  <  ج: ص:  >  >>