للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك لو تكلم في صلب الصلاة ناسيًا أو جاهلًا فإنها لا تبطل على القول الراجح، ودليله ما ذكرنا من الآية الكريمة: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب: ٥].

وحديث معاوية بن الحكم الذي تكلم في الصلاة فقال: يرحمك الله، وقال: واثكل أمياه، وقال: حينما رماه الناس بأبصارهم ما شأنكم تنظرون إلي؟ ! فإنه رضي الله عنه لما دخل في الصلاة عطس رجل من الجماعة فقال: الحمد لله، فقال له معاوية: يرحمك الله، فرماه الناس بأبصارهم، فقال لهم: ما شأنكم تنظرون إلي؟ ! يعني: كأنهم يقولوا: ويش مسوي؟ فجعلوا يضربون أفخاذهم ليسكتوه فسكت، فلما سلم النبي عليه الصلاة والسلام أخبره بأن الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس (١٣)، ولم يأمره بالإعادة؛ لأنه كان جاهلًا مع أن الكلام متعدد.

يقول المؤلف: (ولمصلحتها إن كان يسيرًا لم تبطل) المذهب في هذه المسألة أن الصلاة تبطل بالكلام ولو يسيرًا لمصلحتها؛ لأنه فعل شيئًا ينافي الصلاة فلا تصح معه.

فصار القول الراجح عكس المذهب؛ المذهب أنه إذا سلَّم ناسيًا ثم تكلم بطلت صلاته ووجب عليه إعادتها من جديد.

والقول الثاني: أنها لا تبطل مطلقًا.

والقول الثالث: التفصيل الذي مشى عليه المؤلف؛ إن كان يسيرًا لمصلحتها لم تبطل، وإن كان لغير مصلحتها أو كثيرًا لمصلحتها بطلت.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: (وقهقهة ككلام) (وقهقهة) القهقهة: الضحك المصحوب بالصوت، ويسمى عند الناس أيش؟ كهكهة، الكهكهة قريبة من القهقهة؛ لأن القاف والكاف متقاربتان، فالقهقهة يعني: إذا ضحك بصوت فإنها كالكلام، بل أشد منه؛ لمنافاتها للصلاة تمامًا؛ لأنها أقرب للهزل من الكلام، فإذا قهقه الإنسان وهو يصلي بطلت صلاته؛ لأن ذلك يشبه اللعب، فإن تبسم بدون قهقهة فإنها لا تبطل الصلاة؛ لأنه لم يظهر له صوت.

<<  <  ج: ص:  >  >>