للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن قهقه مغلوبًا على أمره؛ لأن بعض الناس إذا سمع ما يعجبه لم يملك نفسه من القهقهة، فقهقه غصبًا عنه فإن صلاته -على القول الراجح- لا تبطل، كما لو سقط عليه شيء فقال بغير إرادة منه: أح، فإن صلاته لا تبطل أيضًا؛ لأنه لم يتعمد المفسد.

(وإن نفخ أو انتحب من غير خشية الله تعالى أو تنحنح من غير حاجة فبان حرفان بطلت) هذه ثلاث مسائل:

الأولى: إذا نفخ فبان حرفان بطلت صلاته؛ لأنه تكلم، مثل أن يقول: أف يرفع صوته بها، فهذا تبطل صلاته؛ لأنه بان منه حرفان، وفي الحقيقة أن هذا التعليل فيه شيء؛ لأنه قد يكون الكلام كلامًا تامًّا مع حرف واحد؛ كأفعال الأمر من الثلاثي إذا كان مثالًا ناقصًا.

المثال هو: معتل الأول، والناقص هو: معتل الأخير، فالأمر من هذا الفعل يكون على حرف واحد، وهو كلام تام، مثل أن تقول لصاحبك: (عِ)، من (وعى)، فـ (عِ) هنا كلام تام، أو تقول: (فِ) من (وفى)، هذا أيضًا كلام تام، وهي مكونة من حرف واحد، كما أنه قد يكون هناك ثلاثة حروف ولا يكون كلامًا، فكون المسألة تعلل بأن ما كان حرفين فهو كلام وما دون ذلك فليس بكلام فيه نظر.

ولهذا نقول في النفخ: إنه إن كان عبثًا أبطل الصلاة؛ لأنه عبث، وإن كان لحاجة فإنه لا يبطل الصلاة ولو بان منه حرفان؛ لأنه ليس بكلام، مثل أن ينفخ الإنسان حشرة دبت على يده فأراد أن ينفخها؛ لأنه أهون لها من أن يمسحها بيده؛ لأنه ربما لو مسحها بيده لتأثرت، ماتت ولا تحطمت رجلاها، أو ما أشبه ذلك، فينفخها لأنه أسهل لها، فالمدار في هذا على العبث؛ إن فعله عبثًا فإن الصلاة تبطل؛ لمنافاة العبث لها، وإن كان لحاجة لم تبطل.

<<  <  ج: ص:  >  >>