للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كذلك أيضا: (انتحب) النحيب: ارتفاع الصوت بالبكاء، فهذا رجل انتحب؛ يعني: ارتفع صوته بالبكاء من غير خشية الله، مثل أن يأتيه الخبر وهو يصلي بأن فلانًا مات فينتحب، انتحابه هنا ليس من خشية الله، ولكن من حزنه على فراق هذا الميت، فنقول: إذا بان حرفان من انتحابه بطلت صلاته، على كلام المؤلف.

والصحيح أنه إذا كان من غلبة؛ يعني: غلبه البكاء حتى انتحب أن صلاته لا تبطل؛ لأن هذا بغير اختياره، فإن كان من خشية الله؛ أي: شدة خوفه من الله عز وجل، أو أحيانًا يكون من محبة الله وشدة شوقه إلى الله؛ لأن البكاء قد يكون خشية لله، وقد يكون شوقًا إلى الله عز وجل، كما يكون للقلب عند ذكر الثواب -ثواب المتقين- يبكي شوقًا إلى هذا النعيم، وعند ذكر الكافرين وعقابهم يبكي خوفًا من هذا العذاب.

(أو تنحنح من غير حاجة فبان حرفان بطلت) قوله: إذا تنحنح من غير حاجة فإن صلاته تبطل إذا بان حرفان، والحاجة إلى التنحنح؛ إما أن تكون قاصرة، أو متعدية، قد تكون قاصرة يتنحنح إذا أحس الإنسان في حلقه انسدادًا، فإنه يتنحنح من أجل إزالة هذا الانسداد، أو كما يقولون بعبارة الميكانيكين: تسييخ للحلق، فهذا لا بأس به.

التنحنح المتعدي؛ إذا تنحنح لشخص استأذن عليه، أو خاف أن يسقط في شيء أو ما أشبه ذلك أو أراد أن ينبهه على أن يصلي، فهذا تنحنح لحاجة متعدية، فلا تبطل الصلاة بذلك؛ لأنها لحاجة، فإن كان لغير حاجة فإنها تبطل الصلاة بشرط أن يبين حرفان؛ وذلك لأن التنحنح من غير حاجة أشبه بالهزل من الجد.

هل من الحاجة أن يتنحنح إذا أطال الإمام الركوع أو السجود من أجل أن ينبهه وبعدين يقول: يلا مشي أو ليس من الحاجة؟ هذا ليس من الحاجة، إلا إذا أطال الإمام إطالة خرجت عن حد المشروع، فقد يكون هذا من الحاجة.

إذا قال قائل: ما هو الدليل على جواز التنحنح للحاجة ولو بان حرفان؟

<<  <  ج: ص:  >  >>