للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكنْ في التثاؤبِ بعضُ الناسِ تجده ينسابُ وراء التثاؤبِ حتى تسمع له صوتًا: ها، ها. فهذا الظاهرُ أنه غيرُ مغلوبٍ على أمْرِهِ، بلْ إنَّ هذا مَنْهِيٌّ عنه؛ لأنَّ الرسولَ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ مَنْ تثاءبَ أنْ يكْظِمَ ما استطاعَ (٢)، (يَكْظِم) يعني: يمنع ما استطاعَ. فإنْ لم يستطِعْ وَضَعَ يدَهُ على فمه؛ لأن وَضْع اليدِ على الفَمِ يَكْبِتُ الصوتَ ويخفضه، ويمنع مِن ضَحِكِ الشيطانِ على المتثائبِ أو دخولِه في جوفه.

العُطاس، بعضُ الناسِ يتقصَّد أنْ يكون عُطاسُهُ شديدًا.

فلو تقصَّد هذا وبانَ حرفانِ بَطَلَتْ صلاتُه على قاعدة المذهب؛ لأن هذا ليس مغلوبًا على أمْرِه.

طالب: ( ... )؟

الشيخ: تشهد عليهم.

طالب: ( ... )؟

الشيخ: هو يقول: ما شأنُ السَّرَعانِ الذين خرجوا وقالوا: قصرت الصلاة. هل رجعوا فصلَّوا أمْ لم يرجعوا ولم يصلُّوا، أو نُبِّهوا بعد ذلك وصلَّوا صلاةً جديدةً؟

هذه الاحتمالاتُ كلُّها واردةٌ؛ يحتمل أنهم رجعوا فأتَمُّوا الصلاة، ويحتمل أنهم لم يرجعوا ولم يُتِمُّوا الصلاة، ويحتمل أنهم لم يرجعوا ولكنْ بَلَغهم الخبرُ فاستأنفوا الصلاةَ أو بَنَوْا على ما سبق، وإذا كان كلُّ احتمالٍ واردًا لم يُمْكنك أن تستدلَّ بالحديث على أحد الاحتمالاتِ، ولا يُمْكن أيضًا أن تحمله على كلِّ الاحتمالاتِ إذا كانت لا يُمْكن الوفاقُ بينها.

انتبهوا للقاعدة هذه: متى وَرَدَ النصُّ متردِّدًا بين أشياء بدون ترجيحٍ فإنه لا يُمْكنك أن تستدلَّ به على أحدِها؛ لأنه لا يتعيَّن في واحدٍ منها.

وهلْ يمكن أن تجمع؟

ربما يمكن أن تجمع إذا كانت لا تتعارضُ، لكنْ إذا كانت تتعارضُ فإنه لا يمكن الجمعُ كمَسْألتِنا هذه؛ مسألة أنه ما يمكن أن نقول: رَجَعوا ولم يرجعوا. لا بدَّ إمَّا رَجَعوا وإمَّا لم يرجعوا، فيبقى الحديثُ مُشْكِلًا؛ لكنْ عندنا نصوصٌ محكمةٌ تدلُّ على أنه لا بدَّ من إتمام الصلاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>