القنوت يطلق على معانٍ؛ منها الخشوع، كما في قوله تعالى:{وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}[البقرة: ٢٣٨]، وكما في قوله:{وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ}[التحريم: ١٢].
ويطلق على الدعاء، كما هنا (يقنت بعد الركوع) يعني: يدعو بعد الركوع.
وظاهر كلام المؤلف أنه يدعو بعد أن يقول: ربنا ولك الحمد بدون أن يكمل التحميد، ولكن لو كمله فلا حرج؛ لأن التحميد مفتاح الدعاء، فإن الحمد والثناء على الله والصلاة على نبيه صلى الله عليه وسلم من أسباب إجابة الدعاء.
يقول المؤلف:(يقنت فيها بعد الركوع) ولم يبين هل يرفع يديه أم لا؟ وظاهر كلامه أنه لا يرفع يديه، ولكن قد يقال: إن الكتاب مختصر، وترك ذكر رفع اليدين اقتصارًا لا اعتبارًا؛ يعني: ما تركه اعتبارًا بأنه لا ترفع، ولكن اقتصارًا على ذكر الدعاء فقط.
والصحيح أنه يرفع يديه؛ لأن ذلك صح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه (١٧)، وعمر بن الخطاب رضي الله عنه أحد الخلفاء الراشدين الذين لهم سنة متبعة بأمر النبي صلى الله عليه وسلم فيرفع يديه.
ولكن كيف يرفع يديه؟
قال العلماء: يرفع يديه إلى صدره، ولا يرفعهما كثيرًا؛ لأن هذا الدعاء ليس دعاء ابتهال يبالغ فيه الإنسان بالرفع، ولكنه يرفع إلى صدره؛ لأنه دعاء رغبة، ويبسط يديه هكذا وظهورهما إلى السماء، هكذا قال أصحابنا رحمهم الله.
وظاهر كلام أهل العلم أنه يضم اليدين بعضهما إلى بعض؛ كحال المستجدي الذي يطلب من غيره أن يعطيه شيئًا، وأما بعض الناس يفرق هكذا فلا أعلم لهذا أصلًا؛ لا في السنة، ولا في كلام العلماء.
يقول:(يقنت بعد الركوع ويقول: اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت)، إلى آخره إلى أن قال:(ويمسح وجهه بيديه).