يقول:(اللهم اهدني فيمن هديت) وظاهر كلامه أنه يبدأ بهذا الدعاء قبل أن يثني على الله عز وجل، لكن صح عن عمر أنه يبدأ بقوله: اللهم إنا نستعينك، ونستهديك، ونستغفرك، ونتوب إليك، ونؤمن بك، ونتوكل عليك، ونثني عليك الخير كله، ونشكرك ولا نكفرك، اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك، ونخشى عذابك، إن عذابك الجد بالكفار ملحق (١٨).
(اللهم اهدني فيمن هديت) واختار هذا الإمام أحمد رحمه الله؛ لأنه ثناء على الله، والثناء مقدم على الدعاء؛ لأنه فتح باب الدعاء.
يقول:(اللهم اهدني فيمن هديت)(اللهم) أصله: يا الله، لكن حذفت (يا) وعوض عنها الميم وبقيت (الله)، وإنما حذفت الياء لكثرة الاستعمال، وعوض عنها الميم للدلالة عليها، وأُخِّرت للبداءة باسم الله، وجُعِلت ميمًا للإشارة إلى جمع القلب على هذا الدعاء، ولم تجعل نونًا أو باءً؛ لم تجعل (اللهن) أو (اللهب)، وإنما يقال: اللهم؛ لأن الميم تدل على الجمع إشارة إلى جمع القلب على الله عز وجل في حال الدعاء.
(اللهم اهدني فيمن هديت) والذي يقول: اهدني هو المنفرد، أما الإمام فيقول: اللهم اهدنا، وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:«مَنْ أَمَّ قَوْمًا فَخَصَّ نَفْسَهُ بِالدُّعَاءِ فَقَدْ خَانَهُمْ»(١٩)؛ لأنه إذا دعا الإمام فقال: اللهم اهدني والمأمومون يقولون: آمين، صار الدعاء له والمأموم ما له شيء، إلا أنه يؤمن على دعاء الإمام لنفسه، وهذا نوع خيانة، إذن يقول الإمام: اللهم اهدنا بالجمع؛ لأنه يدعو لنفسه ولمن وراءه.
قوله:(اللهم اهدني فيمن هديت) أي: في جملة من هديت، وهذا فيه نوع من التوسل بفعل الله سبحانه وتعالى، وهو هدايته من هدى، فكأنك تتوسل إلى الله الذي هدى غيرك أن يهديك في جملتهم، والهداية هنا يراد بها هداية الإرشاد وهداية التوفيق؛ هداية الإرشاد التي ضدها الضلال، وهداية التوفيق التي ضدها الغي.