فأنت إذا قلت:(اللهم اهدني) تسأل الله تعالى هدايتين؛ هداية الإرشاد وذلك بالعلم، وهداية التوفيق وذلك بالعمل؛ لأنه ليس كل من علم عمل، وليس كل من عمل عمل عن علم، وتمام التوفيق أن تعلم وتعمل.
وقوله:(وعافني فيمن عافيت) تسأل الله العافية، (فيمن عافيت) أي: في جملة من عافيت، وهذا -كما قلته آنفًا- فيه نوع من التوسل إلى الله تعالى بفعله في غيرك، فكأنك تقول: كما عافيت غيري فعافني.
والمعافاة هل المراد المعافاة في الدين أو في الدين والدنيا؟
طلبة: تشمل الأمرين.
الشيخ: تشمل الأمرين؛ أن يعافيك من أسقام الدين؛ وهي أمراض القلوب التي مدارها على الشهوات والشبهات، ويعافيك من أمراض الأبدان؛ وهي اعتلال صحة البدن.
والإنسان محتاج إلى هذا وإلى هذا، وحاجته إلى المعافاة من مرض القلب أعظم من حاجته إلى المعافاة من مرض البدن؛ ولهذا يجب علينا أن نلاحظ دائمًا قلوبنا، وننظر هل هي مريضة؟ هل هي صحيحة؟ هل صدئت تحتاج إلى دعك وغسل أو هي نظيفة؟ لا نطلق الأمر على علاته؛ لأنك إذا أطلقت الأمر -يا إخواني- ضعت، بقيت دائمًا ليس لك صلة مع الله، فإذا كنت تنظف قلبك دائمًا في معاملتك مع الله وفي معاملتك مع الخلق حصَّلت خيرًا كثيرًا، وإلا فإنك سوف تغفل، وتفقد الصلة مع الله، وحينئذٍ يصعب عليك التراجع.
حافظ على أن تكون دائمًا تفتش في قلبك؛ فيه غفلة، فيه مرض شبهة، فيه مرض شهوة، وكل شيء -ولله الحمد- له دواء، القرآن كله دواء للشبهات والشهوات، الترغيب في الجنة والتحذير من النار مثلًا هذا من أجل طرد الشهوات، بدل ما تميل إلى الشهوات في الدنيا التي فيها المتعة، تذكر متعة الآخرة ونخاف من الشر في الآخرة.