ولهذا كان نبينا صلى الله عليه وسلم إذا رأى ما يعجبه من الدنيا قال:«لَبَّيْكَ إِنَّ الْعَيْشَ عَيْشُ الْآخِرَةِ»(٢٠)، شوف كيف الدواء «لَبَّيْكَ إِنَّ الْعَيْشَ عَيْشُ الْآخِرَةِ»، فيقول:«لَبَّيْكَ» يعني: إجابة لك، من أجل أن يكبح جماح نفسه حتى لا تغتر بما شاهدت من متع الدنيا، «لَبَّيْكَ» فيقبل على الله، ثم يوطن نفسه ويقول:«إِنَّ الْعَيْشَ عَيْشُ الْآخِرَةِ» لا عيش الدنيا، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
المهم أن العافية تشمل سؤال العافية من أمراض القلوب التي مدارها على الشبهات والشهوات ودواؤها في كتاب الله، فكتاب الله كله مملوء بالعلم والبيان الذي تزول به الشبهات، ومملوء بالترغيب والترهيب الذي يزول به داء الشهوات، ولكننا في غفلة -في الحقيقة- عن هذا الكتاب العزيز الذي كله خير، وكذلك ما كمَّلته به السنة المطهرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما عافية الأبدان فطبها نوعان:
طِبٌّ جاءت به الشريعة، فهذا أكمل الطب، والطب الذي جاءت به الشريعة نوعان أيضًا: طِبٌّ مادي، وطب معنوي روحي.
فالطب المادي كقول الله تعالى في (النحل): {يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ}[النحل: ٦٩]، وكقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحبة السوداء:«إِنَّهَا شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ إِلَّا السَّامَ»(٢١)، وكقوله صلى الله عليه وسلم في الكمأة:«الْكَمْأَةُ مِنَ الْمَنِّ وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ»(٢٢)، وأمثال ذلك، هذا طب نبوي مادي.