قد يكون باعتبار الزمن؛ إذا كنا في زمن كثر فيه الجهل وكثرت فيه البدع وكثر فيه من يفتي بلا علم فالعلم أفضل من الجهاد، وإذا كنا في زمن كثر فيه العلماء واحتاجت الثغور إلى مرابطين يدافعون عن البلاد الإسلامية فهنا الأفضل الجهاد، فإن لم يكن مرجح لا لهذا ولهذا فالأفضل العلم.
قال الإمام أحمد: العلم لا يعدله شيء لمن صحت نيته، قالوا: كيف تصح النية؟ قال: ينوي بتواضع، وأن يرفع الجهل عن غيره، فقال: لا يعدله شيء لمن صحت نيته، وهذا صحيح؛ لأن مبنى الشرع كله على العلم، كل الشرع حتى الجهاد مبناه على العلم، ويدل لهذا قوله تعالى:{وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ}[التوبة: ١٢٢]، فنفى الله أن ينفر المسلمون كلهم إلى الجهاد، وقد لا يمكن هذا ولكن ينفر طائفة ويبقى طائفة تتعلم، حتى إذا رجع قومهم إليهم أخبروهم بما عندهم من الشرع، ولكن يجب في الجهاد وفي العلم تصحيح النية وإخلاصها لله عز وجل، وهو شرط شديد؛ إخلاص النية.
قال الإمام أحمد رحمه الله: شرط النية شديد، لكنه حُبِّب إلي فجمعته، لما سئل رحمه الله عن علمه وعن نيته -وهو من هو- قال: شرط النية شديد، لكنه حُبِّب إلي فجمعته، رحمه الله، ولكن لا شك أن نيته صالحة، بدليل أنه صار إمامًا للمسلمين، قال ابن مفلح في كتاب الفروع قال: وهذا معنى قولهم: طلبنا العلم لغير الله، فأبى أن يكون إلا لله.
وقد ذكر رحمه الله ابن مفلح في أول باب صلاة التطوع بحثًا جيدًا جدًّا في المفاضلة بين الأعمال وفي العلم وطلبه، ونقل نقولًا جيدة لا تكاد تجدها في غيره، بل أنا ما وجدتها في غيره، فمن أحب منكم أن يراجعه فهو طيب كتاب الفروع أول باب صلاة التطوع.