للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه الأول: أن القضاء الكوني لا بد من وقوعه، وأما القضاء الشرعي فقد يقع من المقضي عليه وقد لا يقع.

والثاني: أن القضاء الشرعي لا يكون إلا فيما أحب، سواء أحب فعله أو أحب تركه، وأما القضاء الكوني فيكون فيما أحب وفيما لم يحب.

قال: (إنك تقضي ولا يقضى عليك)، نعم الله تعالى يقضي بما أراد، ولا يُقضى عليه، لا أحد يقضي على الله ويحكم عليه، قال الله تعالى: {وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ} [غافر: ٢٠] أبدًا لا حق ولا غير حق؛ لأنها جمادات، {إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [غافر: ٢٠].

فإن قال قائل: (ولا يقضى عليك) أليس الله تعالى قد كتب على نفسه الرحمة؟

طلبة: بلى.

الشيخ: بلى، ولكن كتابته على نفسه الرحمة ليست قضاء عليه، بل هو الذي قضى بها على نفسه، إذن: فهو قاضٍ، هو القاضي ليس العباد هم الذين قضوا بها على الله، ولهذا قال ابن القيم رحمه الله:

مَا لِلْعِبَادِ عَلَيْهِ حَقٌّ وَاجِبٌ

هُوَ أَوْجَبَ الْأَجْرَ الْعَظِيم الشَّانِ

كَلَّا وَلَا عَمَلٌ لَدَيْهِ ضَائِعٌ

إِنْ كَانَ بِالْإِخْلَاصِ وَالْإِحْسَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>