ولكن القول الصحيح أن النهي يتعلق بصلاة الفجر؛ بالصلاة نفسها؛ وذلك لأنه ثبت في صحيح مسلم وغيره تعليق الحكم بنفس الصلاة:«لَا صَلَاةَ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ»(١٥)؛ ولأن النهي في العصر يتعلق بماذا؟ بالصلاة لا بالوقت، فكان الفجر مِثله يتعلق فيه النهي بنفس الصلاة، فإذا كان هذا هو القول الصحيح، فما الجواب عن الحديث الذي استدل به المؤلف؟
الجواب على ذلك من وجهين:
أحدهما: أن الحديث ضعيف، تكلم فيه أهل العلم وضعَّفوه.
الثاني: على تقدير أن الحديث ليس بضعيف، وأنه حسن حجة يحمل قوله:«لَا صَلَاةَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ»(١٦) على نفي المشروعية؛ يعني لا يُشرع للإنسان أن يتطوع بنافلة بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر.
وهذا حق؛ فإنه لا ينبغي للإنسان بعد طلوع الفجر أن يتطوع بغير ركعتي الفجر؛ يعني لو دخلت المسجد، وصليت ركعتي الفجر، ولم يحِن وقت الصلاة، وقلت: سأستغل هذا الوقت بالتطوع نافلة، قلنا لك: لا تفعل؛ لأن هذا غير مشروع، لكن لو فعلت لم تأثم، وإنما قلنا: إنه غير مشروع؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصلي ركعتين خفيفتين؛ يعني حتى تطويل الركعتين ليس بمشروع.
إذن القول الراجح أن ابتداء وقت النهي بعد صلاة الفجر، حتى تطلع الشمس هذا واحد.
الثاني: قال: (ومن طلوعها حتى ترتفع قيد رمح) يعني برأي العين. (قِيد) بمعنى قدر، إذا طلعت الشمس فانظر إليها، إذا ارتفعت قدر رمح والرمح متر تقريبًا، إذا ارتفعت في سيرها في الأفق أو في سيرها حسب رأْي العين؟ حسب رأي العين؛ لأن هذا الذي مقداره رمح مسافات طويلة لا يعلمها إلا الله، لكن إذا ارتفعت قيد رمح في رأي العين خرج وقت النهي، يُقدَّر بالنسبة للساعات، يقدر باثنتي عشرة دقيقة إلى عشر دقائق؛ يعني ليس بطويل، لكن الاحتياط أن يزيد إلى ربع ساعة فنقول: بعد طلوع الشمس بربع ساعة ينتهي وقت النهي.