للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعني: القبور؛ فهم لا يرون الجماعة، وإلا فإن المسلمين جميعًا اتفقوا على مشروعيتها، ولم يقل أحد بأنها غير مشروعة، ولا بأنها جائزة، ولا بأنها مكروهة، لكن اختلفوا في فرضيتها، هل هي فرض عيْن، أو فرض كفاية، أو سُنة مؤكدة؟ وهي واجبة كما سنذكره.

قال المؤلف: (تلزم الرجال) اللزوم: الثبوت، لزوم الشيء؛ يعني: ثبوته، وشيء لازم، أي: ثابت لا بد منه، والفقهاء -رحمهم الله- تارةً يُعبّرون بـ (تلزم)، وتارة يُعبِّرون بـ (تجب)، وتارة يُعبّرون بـ (فرض)، وما أشبه ذلك، وكلها عبارات مختلفة اللفظ متفقة المعنى، واللفظ المختلف مع اتفاق المعنى يُسمى عند علماء اللغة مترادفًا.

قال المؤلف: (تلزم الرجال) (تلزم) هذا وصف، و (الرجال) وصف، فنبدأ أولًا بذكر دليل الحكم الذي هو اللزوم؛ لأن تلزم؛ يعني ليست سنة، بل هي واجبة، ودليل وجوبها من كتاب الله وسُنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

ففي القرآن قال الله تعالى: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ} [النساء: ١٠٢] {فَلْتَقُمْ}، واللام للأمر، والأصل في الأمر الوجوب. {فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ}، ويؤكد أن الأمر للوجوب هنا أنه أُمِر بها مع الخوف مع أن الغالب أن الناس إذا كانوا في خوف يكونون متشوشين، يحبون أن يبقى أكثر الناس يرقب العدو.

{وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ} معهم حتى لا يفجأهم العدو، وظاهر الآية أنه لا فرق بين السلاح الخفيف والثقيل، والطاهر والنجس، كما لو كانت السيوف متلوِّثة بالدماء، وقد رخص العلماء -رحمهم الله- هنا في حمل السلاح النجس للضرورة.

{فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ} سجدوا بمعنى أتموا صلاتهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>