الشيخ: بالعموم، فإذا كان كذلك فإنَّ الواجب في الكتاب والسُّنة أن تبقى دلالتهما على العموم إلا أنْ يَرِدَ مخصِّص، واعلمْ أنه لا يُمْكن أن يأتي لفظٌ عامٌّ إلا وَرَدَ له مخصِّص إمَّا متَّصلٌ وإمَّا منفصلٌ، إمَّا لسببٍ وإمَّا لغير سببٍ، هذا لا بد، لماذا؟ لأن مِن جملة البيان تخصيص العموم؛ إذْ إنَّه لو جاءنا لفظٌ عامٌّ وحُكْمه غير عامٍّ ثمَّ لم يأتِ دليلٌ يخصِّصه، هلْ في ذلك تِبيانٌ لكلِّ شيء؟ لا، فمِن جُمْلة التِّبيان لكلِّ شيءٍ -الذي بيَّن الله أن القرآن تبيانٌ لكلِّ شيءٍ- مِن جُمْلته أنه لا يمكن أن يأتي لفظٌ عامٌّ وقد كان بعضُ أفراده لا يتناول هذا الحكْمَ إلا ولا بدَّ أن يأتي ما يخصِّصه؛ إمَّا بشيءٍ متَّصلٍ، مثل أيش المتَّصل؟ كالاستثناء والشرط، وإمَّا بشيءٍ منفصلٍ، وإمَّا بسببٍ، وإما بغير سببٍ، فالأقسام أربعة؛ كلُّ عامٍّ لا يعمُّ حُكْمه جميعَ أفراده فلا بدَّ أن يقوم دليلٌ على تخصيصه، إما متَّصل، أو منفصل، أو بسببٍ، أو بغير سببٍ.
ما هو الدليل على هذه القاعدة؛ لأن هذه القاعدة نجزم بها؟
الدليل قوله تعالى:{وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ}[النحل: ٨٩]، وقوله:{كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ}[هود: ١]، ومن جُمْلة التفصيل تخصيص العامِّ لو كان هناك ما يخصِّصه.
نشوف الآن الأقسام الأربعة وإنْ كنَّا خرجنا عن هذا، لكن أنا أحبُّ دائمًا أن نتعرَّض للقواعد؛ لأنها أهم من المسائل الفردية بالنسبة لطالب العلم.
العامُّ الذي وَرَدَ تخصيصه كثيرٌ في القرآن وفي السُّنة؛ قال الله تعالى: {وَالْعَصْرِ (١) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} [العصر: ١، ٢] هذا عامٌّ، جاء التخصيص؟