{وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ}[البقرة: ٢١٧] فـ {مَنْ يَرْتَدِدْ} هذا عامٌّ، وجاء بعده قَيْدٌ:{فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ}، وفي السُّنة أيضًا مِن هذا كثيرٌ، هذا بدون سببٍ؛ المخصِّص المتَّصل.
المخصِّص المتَّصل بسببٍ مثل حديث ابن عباس في فتح مكة حينما تكلَّم الرسول عليه الصلاة والسلام عن حُكْم مكة وأشجارها وتكلَّم بكلامٍ عامٍّ:«لَا يُعْضَدُ شَوْكُهَا وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا» -إلى آخره- فقال العباس: إلا الإذْخِر. فقال النبي عليه الصلاة والسلام «إِلَّا الْإِذْخِرَ»(٩)، فمقتضَى الأدلَّة العامَّة أنَّ اليوم الذي كسَنَةٍ كمْ يلزم من الصلوات؟
الطلبة: خمس صلوات.
الشيخ: خمس صلوات، ولكنَّ الصحابة سألوا الرسولَ صلى الله عليه وسلم: هل تكفينا فيه صلاةٌ واحدةٌ؟ فقال:«لَا، اقْدُرُوا لَهُ قَدْرَهُ». هذا دليلٌ منفصلٌ لسببٍ.
دليلٌ منفصلٌ لغير سببٍ: قال النبي عليه الصلاة والسلام «فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ العُشْرُ»(١٠)، هذا عامٌّ، كان النبيُّ عليه الصلاة والسلام إذا دخل بيتَه فأوَّل ما يَبْدأُ به السواك (١١)، هذا عامٌّ، هذه الأدلَّة العامَّة مِن قول الرسول عليه الصلاة والسلام ومِن فِعْله ما يمكن أن نخصِّصها إلا بدليل.
قالوا: والدليل الحديث الذي أشرْنا إليه: «إِذَا صُمْتُمْ فَاسْتَاكُوا بِالْغَدَاةِ وَلَا تَسْتَاكُوا بِالْعَشِيِّ»، وثانيا: التعليل الذي ذكرْنا.
ولكن الذين قالوا باستحباب السواك للصائم مطْلقًا قالوا: أمَّا الحديث فإنه ضعيفٌ لا يَقْوى على تخصيص العموم؛ لأن الضعيف ليس بِحُجَّةٍ، فلا يَقْوى على إثبات حُكْمٍ، وتخصيص العموم حُكْم ولَّا لا؟
الطلبة: نعم.
الشيخ: حُكْمٌ؛ لأنه إخراجٌ لهذا المخصَّص عن الحكْمِ العامِّ وإثباتُ حُكْمٍ خاصٍّ به، فيحتاج إلى ثبوت الدليل المخصِّص، وإلَّا فلا يُقْبل.