وأمَّا التعليل فإنه عليلٌ؛ وذلك لأن الذين قُتِلوا في سبيل الله وأَمَرنا الرسول عليه الصلاة والسلام ببقاء دمائهم إذا بُعِثوا يوم القيامة فإنهم يبعثون يوم القيامة وكَلْمُهم يخرج دمُهُ؛ «يَثْعَبُ دَمًا، اللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ والرِّيحُ رِيحُ الْمِسْكِ»(١٢)، فلا ينبغي أن يُزال هذا الشيء الذي سيوجد يوم القيامة، ونظيره تمامًا قول النبي عليه الصلاة والسلام في الذي مات في عَرَفة، قال:«كَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ»، ولهذا ينبغي لمن مات مُحْرِمًا ألَّا نطلبَ له خِرقةً جديدةً، بلْ نُكَفِّنه في ثياب إحرامه التي عليه، وعلَّل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بأنه «يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا»(١٣)، فيُكَفَّن في ثيابه كما أَمَر بذلك النبيُّ عليه الصلاة والسلام.
ونقول أيضًا: إنه منتقضٌ؛ ربْطُ الحكْمِ بالزوال ينتقض طردًا وعكسًا؛ لأنه قد تحصُل هذه الرائحة قبل الزوال؛ لأنها سببها خلوُّ المعدة من الطعام، وإذا لم يتسحَّر الإنسان في آخِر الليل ستخلو معدته مبكرًا، وأنتم لا تقولون: إنه متى وُجِدتْ رائحةُ النكهة الكريهة هذه يُكرَه السواك. هذه واحدة.
ثانيًا: منتقضٌ بالعكس أو بالطرد بأن نقول: إنَّ مِن الناس مَن لا تحصُل عنده هذه الرائحة الكريهة، وهذا موجودٌ حِسًّا، مُشاهَدٌ؛ فإنَّ بعض الناس لا توجَد عنده؛ إمَّا لصفاء معدته، وإمَّا لأنه ما يتهضم الطعام منه بسرعة، وإن كان هذا الأخير قد تحصل منه روائح أكثر، لكنْ على كلِّ حالٍ هذه العِلَّة منتقضة، وإذا انتقضت العلَّة انتقض المعلول؛ لأن العلَّة أصلٌ والمعلول فرعٌ، فالصواب إذنْ أن السواك سُنَّةٌ حتى للصائم، ويؤيِّده هذا الحديث وإنْ كان ضعيفًا، حديث عامر بن ربيعة: رأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ما لا أُحصِي يتسوَّك وهو صائمٌ (١٤).
طالب: ما يقال: إنه ما تزول الرائحة بالسواك؛ الرائحة من المعدة ولا تزول بالسواك؟