للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلنا: لأن الله يقول: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: ٦]، ولم يذكر الكفَّينِ.

قال: (وغَسْلُ الكفَّينِ ثلاثًا، ويجبُ من نومِ لَيْلٍ ناقضٍ لوُضوءٍ).

(يجب) الضمير يعود على غسْل الكفَّينِ ثلاثًا، (يجبُ من نومِ لَيْلٍ ناقضٍِ لوُضوءٍ) لكن لمن أراد أن يغْمِسهُما في الإناء.

ودليله حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا؛ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ» (٣٣).

فقوله: لا يغْمِس حتى يغسل، يدلُّ على وجوبِ تقديم الغَسْل؛ لأنه لا بدَّ أن يتوضَّأ.

وقول المؤلف: (مِنْ نومِ لَيْلٍ) خرج به نومُ النهار، فلا يجب غسلُ الكَفَّينِ منه.

وهنا لو قال قائلٌ في الحديث: «إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ» (نوم) مفردٌ مضافٌ، فيشمل كُلَّ نومٍ.

و«إِذَا» في قوله: «إِذَا اسْتَيْقَظَ» ظرفٌ مطْلَقٌ، فيشمل آناءَ الليلِ وآناءَ النهار، فلماذا تَخُصُّونه بالليل؟

قالوا: نَخُصُّه بالليل بالتعليل الذي علَّله النبي صلى الله عليه وسلم به في قوله: «فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ»، والبيتوتة لا تكون إلا بالليل، وهذا من باب تخصيص العام بماذا؟ بالعِلَّة، تخصيصُ العمومِ بالعِلَّة هذا منه، فإذا قال لك قائلٌ: مثِّلْ لي بمثالٍ فيه تخصيص العمومِ بالعِلَّة، فهذا مثال، فهم يقولون: لَمَّا علَّلَ الرسولُ صلى الله عليه وسلم بعِلَّة لا تَصْلُح إلا لنوم الليل صار المراد بالعموم في قوله: (مِن نَوْمِهِ) أيش؟

طلبة: نوم الليل.

الشيخ: نوم الليل، فهو عامٌّ أُريدَ به الخاصُّ.

وقوله: (مِن نَوْمِ ليلٍ ناقضٍ لوُضوءٍ) احترازًا مما لو لم يكنْ ناقضًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>