للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما هو الناقض؟ كلُّ نومٍ على المذهب ناقضٌ إلا يسير نومٍ مِن قائمٍ وقاعدٍ، والصَّحيح أن المدار في نقْض الوُضوء على الإحساس، فما دام الإنسان يحسُّ بنفسه لو أحْدثَ فإنَّ نومه لا ينقض وضوءَه، وإذا كان لا يحسُّ بنفسه لو أحْدَث فإن نومه ينقض.

وهذا الذي ذكره الفقهاء هنا حيث قالوا: (ناقضٍ لوُضُوءٍ) يؤيِّدُ أن القول الراجح هو أن النوم الناقض للوضوء ما فَقَد فيه الإنسانُ إحساسَه.، وجْه ذلك أن قوله: «فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي» معناه أن إحساسه مفقودٌ، وعلى هذا فإذا كان الإنسانُ يدري بحيث لم يفقد إحساسَه فإنه لا ينتقض وضوؤه، مع أنَّ الفقهاء في باب نواقض الوضوء يخالفون ذلك.

إذَنْ يجب غسْل الكفَّينِ قبل إدخالهما الإناء ثلاثَ مرَّاتٍ إذا استيقظ من نومِ ليلٍ ناقضٍ لوضوء.

***

ومن السنن: (البَدَاءةُ بمضْمضةٍ ثم استنشاقٍ)، (البَدَاءة) يعني في غسْل الوجه (بمضْمضةٍ ثم استنشاقٍ) هذا بعد غسْل الكَفَّينِ يتمضمضُ ويستنشقُ، والأفضل أن يكون ثلاثَ مرَّاتٍ بثلاثِ غَرَفات.

المضمضة: إدارة الماء بالفَمِ.

والاستنشاق: جَذْبُ الماءِ بالنَّفَسِ من الأنف، هذا الاستنشاق.

فالبداءة بهما قبلَ غسْل الوجهِ أفضلُ، وإنْ أخَّرهما بعده جازَ.

قوله: (البَدَاءةُ بمضْمضةٍ ثم استنشاقٍ) ما ذَكَر المؤلف: ثم استنثار؛ لأن الغالب أنَّ الإنسان إِذا استنشق الماءَ يستنثره، وإلا فلا بدَّ من الاستنثار، يعني بمعنى لا تَكْمُل السُّنَّة إلا بالاستنثار، كما أنها لا تَكْمُل السُّنَّة في المضمضة إلا بمجِّ الماء، وإنْ كان لو ابتَلَعه لعُدَّ متمضْمِضًا، لكن الأفضل أن يمجَّه؛ لأن هذه المضمضة وتحريك الماءِ بالفَمِ يجعل الماء وسِخًا بما يلتصقُ به من الفَضَلات الكريهةِ في الفَم.

(والمبالغةُ فيهما) أي: في المضمضة والاستنشاق (لغَيرِ صائمٍ).

<<  <  ج: ص:  >  >>