الشيخ: المشهور من المذهب الوجوبُ؛ أنه يغسل ما استرسل، والقول الثاني: أنه لا يجب غسْلُ ما استرسل من اللِّحية كما لا يجب غسْلُ ما استرسل من الرأس، ولكن الأقرب الوجوب، والفرق بينه وبين الرأس لأن اللحية وإن طالتْ تَحْصُل بها المواجهة فهي داخلةٌ في حدِّ الوجه، وأمَّا المسترسِل من الرأس فإنه لا يدخل في الرأس؛ لأنَّ الرأس مأخوذٌ من التَّرَؤُّس، وهو العُلوُّ، وما نزل عن حدِّ الشَّعر فليس بِمُتَرئِّسٍ.
إذَن اللحية إنْ كانت كثيفةً استُحِبَّ أن تخلَّل، وإنْ كانت خفيفةً وَجَبَ أن تُغْسل وما تحتها.
وقول المؤلف:(تخليل اللحية الكثيفة)، كيف تخليلها؟ تخليلها له صفتان:
إحداهما: أن يأخذَ كفًّا من ماءٍ ويجعله تحتها ويقول هكذا. هذا واحد.
والثانية: أن يأخذ كفًّا من ماءٍ ويخلِّلها بأصابعه كذا كالمشط.
وكلُّ ذلك وَرَد به الحديث، ودليله حديث عثمان رضي الله عنه قال: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُخَلِّل لِحْيَتَه في الوُضوء (٣٥)، وهذا الحديث وإنْ كان في سنده ما فيه، لكن له طرقٌ كثيرةٌ جدًّا من أحاديث أخرى أيضًا، يعني له طرقٌ وشواهدُ تدلُّ على أنه يرتقي إلى درجة الحسن على أقلِّ درجاته، وعلى هذا فيكون تخليل اللِّحية الكثيفة سُنَّة.
وذكر أهل العلم أن إيصال الطَّهور بالنسبة للشَعر ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
قِسمٌ يجب إيصال الطَّهور فيه إلى ما تحت اللِّحية كثيفةً كانت أو خفيفةً، وهذا إذا كانت الطَّهارة الكُبرى عن جَنَابةٍ، فإنه يجب أن يغسل الشَّعر وما تحته وإنْ كان كثيفًا؛ بدليل حديث عائشة رضي الله عنها أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يَصُبُّ على رأسِهِ الماءَ، حتى إذا ظَنَّ أنه أَرْوى بَشَرَتهُ أَفاضَ عليه ثلاثَ مرَّاتٍ (٣٦)، وحديث:«اغْسِلُوا الشَّعَرَ وَأَنْقُوا الْبَشَرَةَ»(٣٧).
القسم الثاني عكسه: لا يجب إيصال الطَّهور إلى ما تحت الشعور خفيفةً كانت أو كثيفةً، وذلك في باب التيمُّم.