للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ: الأخير هو الأقرب، وقد يُقال: إنَّ الرسول صلّى الله عليه وسلّم توضَّأ مرَّة لبيان الجواز، لا على سبيل التعبُّد باختلاف العبادات، وتوضأ مرَّتين أيضًا لبيان الجواز، وخَالف لبيان الجواز، ولكننا نقول: إنَّ الأصل ما هو؟ التعبُّد والمشروعية.

فالظاهر أن الأفضل أن الإنسان ينوِّعُ؛ يعني يتوضأ مرتين، ثلاثًا، مرة، وعلى رأي المؤلِّف: الثَّلاث أفضل من الثِّنتين، والثِّنتان أفضل من الواحدة.

وقد ألغز بعض العلماء في هذه المسألة وقال: لنا سُنَّةٌ أفضل من واجب، والذي دلَّ عليه النص أن الواجب أفضل من السنة، كما قال الله تعالى في الحديث القُدسي: «مَا تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ» (٩).

وهذه الثلاث سنة، وهي أفضل من الواجب، وابتداء السَّلام سُنَّةٌ، وهو أفضل من ردّه، فما هو الجواب عن هذا اللغز؟

الجواب عن هذا اللغز: أنه لغز خطأ، وليس بصواب؛ لأن غسل الإنسان أعضاء وضوئه ثلاثًا قد دخل فيها الواجب، فهو قد أتى بالواجب وزيادة، فكيف يصح أن نقول: إن السنة هنا أفضل من الواجب؟ !

وأما السَّلام فقالوا: إن ابتداء السلام أفضل من ردِّه، ونحن نناقش هذا القول من وجهين:

الوجه الأول: قد يقول قائل: إنَّ ردَّه أفضل؛ لأن ردَّه واجب، وابتداءه سنة، والحديث عام: «مَا تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ». وحينئذٍ يبطل الإلغاز به من أصله، وقد نقول: إن ابتداء السلام أفضل من ردِّه؛ لأن ردّه مبنيٌّ عليه؛ فحاز مبتدئ السَّلام، حاز فضيلتين؛ أنه ابتدأ السلام، وأن ابتداءه كان سببًا لواجب.

فمن أجل ذلك كان أفضل، والحاصل أنه لا يمكن أن يكون النَّفل أفضل من الفريضة، للحديث الذي ذكرناه، وللنَّظر الصَّحيح؛ لأنَّه لولا محبَّة الله لهذه العبادة ما أوجبها، لجعلها باختيار الإنسان على سبيل الاستحباب.

طالب: شيخ ( ... ).

الشيخ: هذه ما وردت ..

<<  <  ج: ص:  >  >>