(إلا بمقدارِ إقامةٍ ووُضوءٍ خفيفٍ). خلاصةُ هذا الشرطِ الموالاةُ بين الصلاتينِ؛ يعني أنْ تكون الصلاتانِ متواليتينِ لا يفصل بينهما إلا بشيءٍ يسير؛ إلا بمقدارِ إقامةٍ؛ لأن الإقامة للثانية لا بدَّ منها ولو حَصَلَ الفصلُ.
(ووُضُوءٍ خفيفٍ) لأن الإنسانَ ربما يحتاجُ إلى الوُضوءِ بين الصلاتينِ، فسُومِحَ في ذلك.
قال:(ويَبْطُلُ براتِبَةٍ بينهما).
(يَبْطُل) يعني الجمع (براتبةٍ) أي: بصلاةٍ راتبةٍ بينهما، بين أيش؟
طلبة: بين الصلاتينِ.
الشيخ: بين الصلاة الأولى والثانية؛ يعني لو جَمَعَ بين المغربِ والعِشاءِ جمْعَ تقديمٍ، فلمَّا صلَّى المغربَ صلَّى الراتبةَ -راتبةَ المغربِ- فإنه لا جَمْعَ حينئذٍ، لماذا؟ لوجودِ الفصلِ بينهما بصلاةٍ.
لو فَصَلَ بينهما بفريضةٍ؟
طلبة: ما يُمْكن.
الشيخ: يُمْكن؛ بعد أنْ سلَّمَ من المغربِ ذَكَرَ أنه صلَّى العصرَ بلا وضوءٍ فصلَّى العصر، فلا جَمْعَ؛ لأنه إذا بَطَلَ الجمْعُ بالراتبةِ التابعةِ للصلاةِ المجموعةِ فبُطْلانُهُ بصلاةٍ أجنبيَّةٍ مِن بابِ أَوْلى.
لو صلَّى تطوُّعًا غير راتبةٍ؟
طلبة:( ... ).
الشيخ: مِن بابِ أَوْلى؛ لأنه إذا بَطَلَ بالراتبةِ التابعةِ للمجموعةِ فما كان أجنبيًّا عنها وليس تابعًا لها فهو من بابِ أَوْلى.
(يَبْطُل براتبةٍ بينهما) طيب، هذا الشرطُ أيضًا فيه خلافٌ بين العلماء، واختارَ شيخُ الإسلامِ ابن تيمية أنَّه لا تُشترَطُ الموالاةُ بين المجموعتينِ وقال: إنَّ معنى الجمْع هو الضَّمُّ في الوقتِ؛ أي: ضمُّ وقتِ الثانيةِ للأُولى بحيثُ يكونُ الوقتانِ وقتًا واحدًا، وليس ضَمَّ الفِعْلِ.
وعلى هذا -على رأي شيخ الإسلام- لو أنَّ الرجُلَ صلَّى الظُّهرَ وهو مسافرٌ بدون أنْ ينويَ الجمْعَ ثم بَدَا له أنْ يمشيَ، كان بالأول مقيمًا ثم بدا له أن يمشي قبل العصر، فهل يجمع؟