لكنه قيَّدها المؤلف بقوله:(تجديدًا) أي: تجديدًا لوُضُوءٍ سابق عن غير حدث، وعلى وُضُوء الآن، فنوى تجديدًا للوُضُوء الذي كان متَّصفًا به الآن.
لكن اشترط المؤلِّفُ شرطين:
أن يكونَ ذلك التجديدُ مسنونًا؛ لأنه إذا لم يكن مسنونًا لم يكن مشروعًا، فإذا نوى التَّجديدَ وهو غير مشروع، فقد نوى طهارةً غير شرعية، فلا يرتفع حدثُه بذلك.
متى يكون مسنونًا؟
يكون مسنونًا إذا صَلَّى بالوُضُوء الذي قبله، إذا صلَّى بالوُضُوء الذي قبله استُحب أن يتوضَّأ للصَّلاة الجديدة.
مثال ذلك: توضَّأ لصلاة الظُّهر وصلَّى الظُّهر، ثم جاء وقت العصر وهو على طهارته، نقول له: يُسَنُّ لك أن تتوضَّأَ تجديدًا للوُضُوء؛ لأنَّك صلَّيت بالوُضُوء السَّابق، فكان تجديدُ الوُضُوء لك مشروعًا، فإن لم يصلِّ به؛ بأنْ توضَّأ لصلاة العصر قبل دخول وقتها؛ ولم يُصَلِّ بهذا الوُضُوء، ثم لما أذَّن العصر جدَّد الوُضُوء، فهذا ليس بمشروع؛ فلا يرتفع حدثه.
الشرط الثَّاني: قال: (ناسيًا حدثه) فإن كان ذاكرًا لحدثه فإنه لا يرتفع حدثه، وهذا من غرائب العلم، نقول: إذا نويت الشَّيءَ ناسيًا صَحَّ، وإن نويته ذاكرًا لم يصحَّ؛ مثال ذلك: رجل صلَّى الظُّهر بوُضُوء، ثم انتقض وضوؤه بعد الظهر، ثم جدَّد الوُضُوء للعصر ناسيًا أنه أحدث، هل يرتفع حدثُه ولَّا لا؟ يرتفع؛ لأنه نوى تجديدًا مسنونًا ناسيًا حدثَه.
فإن كان ذاكرًا لحدثه لم يرتفع حدثه؛ لأنَّه حينئذٍ يكون متلاعبًا، كيف تنوي التجديد وأنت لست على وضوء؛ لأن التجديد لا يكون إلا والإنسان على طهارة، أما أن تنوي التجديد وأنت محدث فهذا تلاعب؛ فلا يرتفع الحدث.
قال المؤلف رحمه الله:(وإن نوى غُسْلًا مسنونًا أجْزَأَ عن واجبٍ)
مثل أي شيء الغسل المسنون؟
مثل: أن يغتسلَ من تغسيل الميِّت؛ فإنه غسل مسنون، ومثل أن يغتسل للإحرام، ومثل أن يغتسل للوقوف بعرفة، كل هذه أغسال مسنونةٌ، وسيأتي ذكرها فيما بعد.