للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك غُسْل الجمعة عند جمهور العلماء من الأغسال المسنونة، والصَّحيح أنه واجبٌ، إذا نوى غُسلا مسنونًا يقول المؤلف: إنه يجزئ عن الواجب، وظاهر كلام المؤلِّف ولو ذكر أن عليه واجبًا.

وقيَّده بعض الأصحاب بما إذا كان ناسيًا حدَثَهُ؛ يعني ناسيًا الجنابة، فنوى الغُسل المسنون فإنه يجزئه عن الواجب، فإن لم يكن ناسيًا فإنَّه لا يرتفع؛ لأن الغُسْل المسنون ليس عن حدث، وإذا لم يكن عن حدث، فقد قال النبيُّ عليه الصلاة والسلام: «إنَّمَا الْأَعْمَالُ باِلنِّيَّاتِ، وَإنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» (١٨) وهذا الرَّجلُ لم ينوِ إلا الغُسْل المسنون، وهو يعلمُ أن عليه جنابة، ويذكر ذلك، فكيف يرتفع الحدث؟

وهذا القول -أي تقييده بأن يكون ناسيًا- له وجهة نظر.

وأما الذين لا يقيدون فيقولون: لأنه لَمَّا كان الغُسْل المسنونُ طهارةً شرعيَّة كان رافعًا للحدث، ولكنَّ هذا التَّعليل فيه شيء من العِلَّة، لأَنْ نقول: هو غُسْلٌ مشروع لا شك، لكنه غُسل مشروع دون الغُسل الواجب من الجنابة، فكيف يَقوى المسنون حتى يجزئ عن الواجب، لو كان الأمر بالعكس لأمكن، لكن كونه ينوي الغُسل المسنون ونقول: إن هذا يجزئ عن الواجب، هذا فيه نظر، لكنه إذا كان ناسيًا فهو معذور.

مثاله: لو أن أحدًا اغتسل للجمعة -على القول بأن غسل الجمعة سُنَّة- وهو عليه جنابة، لكنه ما ذكر أو ما عَلِم، مثل ألا يعلم بالجنابة إلا بعد صلاة الجمعة، كما لو كان قد احتلم ولم يعلم إلا بعد الجمعة، فإن صلاة الجمعة تكون صحيحة لارتفاع الجنابة.

وأما إذا عَلِم ونوى هذا الغسل المسنون، فإن القول بالإجزاء في النفس منه شيء.

<<  <  ج: ص:  >  >>