(فالصحيحة ما باشرها الإمام أو أذن فيها) يعني إذا تعددت الجُمع بأن أقاموا جمعتين بدون حاجة، فإن الصحيحة ما باشرها الإمام أو أذن فيها، إذا قال العلماء: الإمام، فمرادهم من له أعلى سلطة في الدولة، وذلك لأن الإمام العام فُقِد من زمان طويل، منذ سقوط الخلافة العباسية والإمام العام قد فُقِد، ست مئة وخمسين صارت الأمة الإسلامية -مع الأسف- دويلات، فالمراد بالإمام الأعظم هو من له السلطة العليا في البلد، أو في الدولة، هذا الإمام الأعظم.
فإذا تعددت الجمعة في موضع واحد لغير حاجة، فالصحيحة ما باشرها الإمام؛ يعني ما صلى فيها سواء كان هو الإمام أو كان مأمومًا، وكانوا فيما سبق لا يصلي الجمعة إلا الإمام، الإمام يتولى الإمامة في صلاة الجمعة، وصلاة العيدين، وقيادة الحجيج، لكن تفرقت الأمة.
وقوله:(أو أذن فيها) يعني: إن لم يباشرها، مثل أن يكون بلد الإمام في محل آخر، وهذا البلد الذي فيه تعدد الجمعة لم يكن الإمام حاضرا لكنه أَذِن، قال: أَذِنْت لكم أن تقيموا جمعتين فأكثر.
وهذه المسألة ليست مبنية على ما سبق في قول المؤلف:(لا يشترط لها إِذْن الإمام)؛ لأن إِذْن الإمام هناك لا تشترط في إقامة الجمعة الواحدة، أما في التعدد فلا بد من إذن الإمام، والفرق بينهما ظاهر.
الأولى: لو قلنا إنه يشترط لإقامة الجمعة إذن الإمام لكانت الفرائض باختيار من؟ باختيار الأئمة.
أما هذه، وهي تعدد الجمعة، فلا بد من إذن الإمام، لماذا؟
لأن لا يفتات عليهم، وتتفرق الأمة، وتتمزق، وهذا أمر يرجع إلى الدين من جهة، وإلى نظام الدولة من جهة أخرى.
إلى الدين من جهة أن الدين ينهانا عن التفرق في دين الله، قال تعالى:{أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ}[الشورى: ١٣].