فيه قول ثالث لا أدري هل قيل به، لكنه ينطبق على القاعدة: وهو أنه إذا تعارض قول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله يُقدَّم قوله، وعلى هذا فتكون السنة أربع ركعات؛ لأن هذا ثبت من قوله والركعتان ثبتتا من فعله، والأولى للإنسان -فيما أظنه راجحًا- أن يصلي أحيانًا هكذا وأحيانًا هكذا، يعني أحيانًا يصلي أربعًا، وأحيانًا يصلي ركعتين. أما الست فإن ظاهر حديث ابن عمر أن الرسول كان يفعله أيضًا فيكون كما قال المؤلف.
وعُلم من قول المؤلف:(أقل السنة بعد الجمعة ركعتان) أنه ليس للجمعة سنة قبلها، وهو كذلك، انتبهوا، ليس للجمعة سُنة قبلها، ولكن ماذا يصنع؟ نقول: يصلي ما شاء بغير قصد عدد، يصلي ركعتين، ثم يجلس يقرأ ينتظر الإمام، يصلي أربع ركعات، يصلي ستًّا، يصلي أكثر، حسب ما يتيسر له.
فإن قال قائل: هل تختارون لي إذا جئت يوم الجمعة أن أشغل وقتي بالصلاة، أو أن أشغل وقتي بالقراءة، يعني قراءة القرآن؟ نرى أن ركعتين لا بد منهما، وهما تحية المسجد، لا بد منهما، وما عدا ذلك فلينظر الإنسان ما هو أرجح له؛ إذا كنت في مسجد يزدحم فيه الناس ويكثر المترددون بين يديك، فالظاهر أن قراءة القرآن أخشع للإنسان، أخشع لقلبه وأفيد، وإذا كنت في مكان سالم من التشويش فلا شك أن الصلاة أفضل من القراءة؛ لأن الصلاة تجمع قراءة وذِكر ودعاء، قيام، قعود، ركوع وسجود، روضة من رياض العبادات، فهي أفضل، لكن في المسجد الحرام في أيام المواسم إذا صلى الإنسان يتعب، يتعب بأيش؟ بمدافعة الناس، يتعب، فهنا قد يكون لو جلس وجعل يقرأ القرآن بتدبر، وتمهل حصل له من خشوع القلب ورقته وقوة الإيمان ما لا يحصل بالصلاة.
والإمام أحمد -رحمه الله- سئل عن مسألة من مسائل العلم، فقال للسائل: انظر ما هو أصلح لقلبك فافعله، وهذه كلمة عظيمة: انظر ما هو أصلح لقلبك فافعله.