ولا شك أن الإمام أحمد إنما يريد فيما لم يرد فيه التفضيل، أما ما ورد فيه التفضيل فالقول ما قال الله ورسوله. لكن مع ذلك نحن نشاهد من فعل الرسول صلى الله عليه وسلم وحال الرسول أنه أحيانًا يُقدِّم المفضول على الفاضل، أحيانًا يصوم حتى يقال: لا يفطر، أحيانًا يُفطر حتى يقال: لا يصوم (٥)، وكذلك في قيام الليل، أحيانًا يأتيه الوفود يشغلونه عن الراتبة يجلس معهم ولا يصلي الراتبة إلا بعد صلاة أخرى كما أخَّر راتبة الظهر إلى ما بعد العصر (٦).
فالإنسان العاقل الموفق -نسأل الله لنا ولكم التوفيق- يعرف كيف يتصرف في العبادات غير الواجبة، الواجبة ما فيها كلام لا بد من فعلها، لكن غير الواجبة يستطيع الإنسان يقارن ويُوازن بين المصالح ويفعل ما هو أصلح.
طالب: حديث ابن عمر صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ست ركعات في مكة (٣) ما قال ( ... ) النبي صلى الله عليه وسلم مسافر، وهذا العمل نفل، ليس راتبًا.
الشيخ: أيش؟
الطالب: النبي صلى الله عليه وسلم بمكة يعتبر مسافرًا، صلاة المسافر، وهذا نفل لا يعتبر راتب الجمعة.
الشيخ: لا، ما هو الظاهر، يعني كلام ابن عمر رضي الله عنهما قد يكون أن مراده أنه في غير المدينة مطلقًا، وأنه صادف أنها في مكة.
طالب: قول المؤلف يا شيخ: (فإن استويا في إذن) يعني أذن لهم الإمام.
الشيخ: أذن لهم الإمام جميعًا.
الطالب: طيب إذا أذن لهم ( ... ) لحاجة.
الشيخ: لا، هو قد يأذن لغير حاجة، مشكلة، نعم، نقول: الإمام لا يجوز أن يأذن إلا لحاجة.
الطالب: إن أذن لحاجة؟
الشيخ: لا، إن أذن لحاجة ما فيه إشكال، جائزة، كلاهما صحيح.
طالب: يا شيخ، على رأي شيخ الإسلام ابن تيمية، صلاة ( ... ) ست أو فعل ابن عمر ست ( ... ) بأي حال ننزلها.
الشيخ: ما له وجه ( ... ) أنه أراد أن يجمع بين فعله في المدينة وفعله في مكة ( ... ).