للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقول المؤلف: (يسن أن يغتسل) لم يُبيِّن متى يكون الاغتسال؛ فقال بعضهم: إن أول وقته من آخر الليل. وقال آخرون: بل من طلوع الفجر؛ لأن النهار لا يدخل إلا بطلوع الفجر. وقال آخرون: بل من طلوع الشمس؛ لأن ما بين الفجر وطلوع الشمس وقت لصلاة خاصة، وهي الفجر، ولا ينتهي وقتها إلا بعد طلوع الشمس. وعلى هذا فيكون ابتداء الاغتسال من طلوع الشمس، وهذا أحوط الأقوال الثلاثة كما تعلمون؛ لأن من اغتسل بعد طلوع الشمس فقد أتى على الأقوال كلها.

وقوله: (يُسن أن يغتسل) لم يُبيِّن من الذي يغتسل؟ هل هم الرجال أو النساء؟ والسنة تدل على أن الاغتسال خاص بمن يأتي للجمعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَتَى أَحَدُكُمُ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ» (٧)، ولقوله: «غُسْلُ الْجُمُعَةِ» (٨)، وكلمة «الْجُمُعَةِ» هنا تحتمل أن يكون المراد بها الصلاة، أو أن يكون بها اليوم، لكن قوله: «إِذَا أَتَى أَحَدُكُمُ الْجُمُعَةَ» يعين أن يكون المراد بها الصلاة. وعلى هذا فالنساء لا يُسن لهن الاغتسال، وكذلك من لا يحضر لصلاة الجمعة لعذر فإنه لا يسن له أن يغتسل، وإنما يغتسل من أتى إلى الجمعة.

نعم، لو كان الإنسان على جلده وسخ، تحدث منه رائحة كريهة عند العرق، فهنا يسن أن يغتسل من باب التنظف.

وقول المؤلف: (يُسنُّ أن يغتسل) هذا ما ذهب إليه المؤلف رحمه الله من أن حُكم الاغتسال سُنَّة، وذهب بعض أهل العلم إلى أن الاغتسال واجب، وهذا القول هو الصحيح: أن غسل الجمعة واجب؛ لقول أفصح الخلق وأنصحهم محمد صلى الله عليه وسلم: «غُسْلُ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ» (٨)، فصرح النبي صلى الله عليه وسلم بالوجوب.

ومن المعلوم أننا لو قرأنا هذه العبارة في مؤلف كهذا الذي بين أيدينا لم نفهم منها إلا أنه واجب يأثم بتركه، فكيف والتعبير به من رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي هو أفصح الخلق وأنصح الخلق وأعلمهم بما يقول؟

<<  <  ج: ص:  >  >>