الدنو من الإمام أحيانًا يعارضه الأيمن في الصف، بمعنى أنه إن صار في الأيمن صار بعيدًا عن الإمام، وإن صار في الأيسر صار أقرب إلى الإمام، ويعارضه أيضًا الصف الثاني إذا كان خلف الإمام فإنه أدنى إلى الإمام من طرف الصف الأول، فتعارض الآن مطلوبان، فماذا نُقدِّم؟
نقول: القاعدة عندنا أنه إذا تعارض شيئان قدم الأرجح منهما، فبالنسبة للأول اليمين مع اليسار نقول: قد دلت السنة على أن اليمين أفضل من اليسار عند التقارب أو التساوي، وأما مع البُعد فقد دلَّت السنة على أن الأقرب أفضل، ودليل ذلك أن الناس كانوا إذا وُجد جماعة ثلاثة، فإن الإمام يكون بينهما، بين الرجلين، ولو كان اليمين أفضل على الإطلاق لصار مقام الرجلين مع الرجل عن اليمين.
إذن نرجح الآن الدنو على اليمين، لو فُرض أن اليمين عشرة رجال واليسار رجلان، فاليسار أفضل؛ لأنه أقرب إلى الإمام.
المسألة الثانية: القرب من الإمام في الصف الثاني إذا كان خلف الإمام مباشرة أقرب من طرف الصف الأول من اليمين أو من اليسار، ماذا نُقدِّم؟
طلبة: الصف الثاني.
الشيخ: الصف الثاني.
طلبة: الأول.
الشيخ: نقدِّم الصف الأول، دليل ذلك قول النبي عليه الصلاة والسلام:«أَلَا تَصُفُّونَ كَمَا تَصُفُّ الْمَلائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا؟ »، قالوا: كيف؟ قال:«يَتَرَاصُّونَ، وَيُتِمُّونَ الْأَوَّلَ»(٢٦). إذن هنا مُرجِّح في إتمام الأول، ولو بعُد عن الإمام، وهو أن الرسول حث عليه، وعلى هذا فنكمل الأول فالأول، الأول قبل الثاني، الثاني قبل الثالث، الثالث قبل الرابع، وهلُمَّ جرًّا.
قال:(ويدنو من الإمام، ويقرأ سورة الكهف في يومها)
يعني يسن أن يقرأ سورة الكهف في يوم الجمعة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَضَاءَ لَهُ مِنَ النُّورِ مَا بَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ»، وهذا الحديث روي مرفوعًا (٢٧) وروي موقوفًا (٢٨). ويش معنى مرفوع؟