للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الأضحى يقول المؤلف: (وعكسه) يعني: عكس الأكل، وهو ترك الأكل في الأضحى، لكن شرط قال: (إن ضحى)، فالأفضل في عيد الأضحى أن يتأخر حتى يضحي؛ والمؤلف رحمه الله ذكر حديثًا عن بُرَيدة: كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يخرج يوم الفطر حتى يفطر، ولا يطعم يوم النحر حتى يصلي (١٤)، رواه أحمد.

ولأن ذلك أسرع إلى المبادرة في الأكل من أضحيته، والأكل من الأضحية واجب عند بعض العلماء؛ لقول الله تعالى: {كُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا} [الحج: ٢٨]، فبدأ بالأمر بالأكل، وقد ذهب إلى وجوب الأكل من الأضحية جماعة من أهل العلم استدلالًا بظاهر الآية، فالأفضل إذنْ أن يتأخر في عيد الأضحى حتى يأكل من أضحيته التي أمر بالأكل منها.

أما الحكمة من تقديم الأكل في عيد الفطر فمن أجل تحقيق الإفطار من أول النهار؛ لأن اليوم الذي كان قبله يوم يجب صومه، وهذا اليوم يوم يجب فطره، فكان المبادرة بتحقيق هذا أفضل، وعليه فلو أكل هذه التمرات قبل أن يصلي الفجر حصل المقصود؛ لأنه أكلها في النهار، وإن أكلها حين الخروج فالظاهر أنه أفضل؛ يعني: إذا أراد أن يخرج.

فصار لهذه المسألة دليل من الأثر والنظر أيضًا.

قال: (وعكسه في الأضحى)، وقوله: (إن ضحى) فُهِمَ منه أنه إذا لم يكن لديه أضحية فإنه لا يشرع له الإمساك عن الأكل قبل الصلاة، فلو أكل قبل أن يخرج إلى الصلاة في عيد الأضحى إذا لم يكن له أضحية فإننا لا نقول له: إنك خالفت السُّنة.

ثم قال: (وتكره في الجامع بلا عذر)، (تكره) يعني: صلاة العيد في الجامع؛ يعني: في جامع البلد بلا عذر، وظاهر كلام المؤلف أنها تكره في الجامع، سواء في مكة أو المدينة، أو غيرهما من البلاد.

أما في المدينة فظاهر أن المدينة كغيرها؛ يسن لأهل المدينة أن يخرجوا إلى الصحراء، ويصلوا العيد، ويكره أن يصلوا في المسجد النبوي إلا لعذر.

<<  <  ج: ص:  >  >>